كيف تختار كتابا يطورك؟

اختيار الكتب : كيف تختار كتابا مناسبا لك للقراءة؟

 

 ما دمت هنا الآن معي تقرأ هذه المقالة فأنت من محبي المطالعة الشغوفين بقراءة الكتب. أو أنت لازلت تحاول توطيد علاقتك بالكتاب و مهتم بمعرفة كيف تختار كتابا.

هل تعلم أن هذا الأخير -الكتاب- يستلزم علما ودراية مسبقة قبل حمله و قرائته؟

كل منا يحب أن يكون ضمن الفئة الأولى المحبة للمطالعة، الغنية المثقفة ( اطلع على هذه المقالة لترى معي علاقة الاغنياء بالقراءة ) و التي تحمل دوما بين يديها أو في حقيبتها كتابا لا يفارقها. لكننا غالبا نعجز عن هذا الأمر، ليس لأننا لا نحب القراءة، أو لا نملك كتابا نحمله و لكن هذا يحدث لأننا ننسى حمل الكتاب في الأصل!

تتسائل ما الذي يربط بين أن تحمل الكتاب في حقيبتك و كيف تختار كتابا ؟!

الحقيقة أن رغبتك في حمل كتاب معين في حقيبتك هي التي ستجعل معرفتك بكيفية اختيار الكتاب الصائب لك أمرا سلسا.

في المقالة السابقة شاركتك أسبابا مختلفة تُعرفنا جواب: لماذا نقرأ؟
اقترح عليك مطالعتها بتأن لأنها أساس منهجنا في موقع حكمتي للمطالعة و الاستمرار عليها، ومنها ستبني أساسيات اختيار الكتاب المناسب لك.

اكتشف معي لماذا نقرأ؟ أساسيات مطالعة الكتب

كتابي الأول

هل أخبرتك يوما كيف بدأت المطالعة؟ أو بالأحرى كيف اخترت كتابي الأول؟
بالرغم من أني محبة للكتب منذ الصغر، إلا أني لم أقرأ كتابا تجاوز 100 صفحة إلى ما بعد الإعدادي. -باستثناء كتب المنهج الدراسي طبعا-
كنت في المكتبة ذات يوم أبحث عن كتاب اقرأه في العطلة، فرأيت كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة . أثار العنوان انتباهي و اعتقدت بداية أنه عبارة عن رواية رومانسية لكن مع أول صفحاته وجدته مملا و لم أفهم شيئا منه فتوقفت عن قرائته.

أتعلم؟ اتضح لي بعد مرور أكثر من 5 سنوات أن هذا الكتاب من بين أفضل الكتب التي نشرت على مر التاريخ. و الغريب أني بعد دراستي و حضوري لدورات مختلفة استوعبت ما اشار اليه جون كريغ.

سعيدة بتقاسم الأستاذة و المدربة المعتمدة فاطمة بوكايو تلخيصا لكتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة معنا. اقترح عليك مراجعته سواء كنت متزوجا أو على أبواب الزواج.

ملخصات كتب

اليوم فرصتك لتشارك العالم أفكارك بكل حرية !

انا لدي منظور ممميز لمحتوى هذا الكتاب، سأشاركه عبر مقالات منفردة مستقبلا.

لنعد لقصتي. كتابي الثاني كان قواعد العشق الأربعون. من العناوين يظهر لكم سبب اختياراتي ههه.
بدأت بمطالعته، أعجبت بجلال الدين الرومي و شمس التبريزي لكن طرح الكتاب لم يستهويني فتوقفت عن قرائته. إلا أن حبي للرومي استمر معي بعد هذا الكتاب.

مرت مدة طويلة وفي أحد الأيام أضافتني صديقتي لأحد المجموعات على الفايسبوك مخصصة للكتب. في كل شهر يختارون كتابا يقرؤونه ثم يناقشونه. انضممت إليهم و كان أول كتاب لي معهم هو رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور قرأتها وكانت أول رواية لي. الكتاب الثاني كان قواعد العشق الاربعون يا للمصادفة! حاولت اعادة قرائته معهم لكني اكتفيت بما شاركه اصدقائي فقط.
الكتب الأخرى التي تم اقتراحها كان أغلبها روايات و أنا لم يكن يستهويني هذا النوع فتوقفت عن مشاركتهم…

 💚 شاهد بحب

كيف تصنف ما تقرأه؟

لكنني قلت مع نفسي، أنا أحببت قراءة الكتب مع أصدقائي لكن اختياراتهم لم تكن تناسبني. فالروايات لم أكن أجد فيها النفع الشخصي لي في تلك المرحلة، و كتب التاريخ رغم حبي لها إلا أنها كانت تأخذ مني وقتا طويلا. و الكتب العلمية وجدتها معقدة و لا أحتاج فعلا لكتاب من 400 صفحة لفهم نظرية علمية مع وجود طرق أسهل للفهم.
في هذه اللحظة علمت أن هناك من الكتب ما أحبه و ما لا أحبه.
مثلا رواية قواعد العشق الاربعون لم أنهها، بل اكتفيت بقراءة القواعد ملخصة فقط. لكنني اشتريت كتبا أخرى لجلال الدين الرومي أغلبها سيرته الذاتية أو تفاسيره لآيات قرانية و أحاديث و امتلك منها مجموعة حبيبة على قلبي .
إذن؛ بدل أن اختار رواية فأنا اختار سيرة ذاتية لشخصية معينة. الأمر نفسه نوعا ما، الكتابان يحكيان قصة لكن بطرق مختلفة و فائدة متفاوتة.
انتبه جيدا أنا لا أنكر أهمية الروايات، أنا أشجع على قرائتها لتقوية اللغة و دعم الخيال –

أسوء عملية نصب هي أن يبيعوا لك كتاباً سيئاً.
– ميخائيل نعيمة

 هنا بدأت قصتي في اختيار الكتب و أرجو أن تبدأها أنت أيضا اليوم و تجد اجابة السؤال: كيف تختار كتابا ؟.

أهم ثلاث قواعد رئيسية لمعرفة كيف تختار ما تقرأه

القاعدة الأولى: اختر كتابا تحب قرائته

مع ازدياد المعلومات حول الكتب و كثرة النسخ الالكترونية المجانية التي بإمكانك تحميلها وقتما شئت.
انتبه جيدا لا أفضل تحميل نسخة مجانية من أي كتاب، قد أتحدث مستقبلا عن هذا الأمر –
اقتراحات العناوين أيضا ازدادت، و كل من قرأ كتابا نصحنا نحن أيضا بقرائته. و لكن هل ما يحبه هو أنا أيضا سأحبه؟ افترض أن إجابتك لا، مع احتمالية تطابق الاذواق حينا.

حين ينصحني صديقي بكتاب محدد فهذا لايعني أن أهرول لشرائه. ولكن عليك أن تسأل ما نوع هذا الكتاب؟ ما موضوعه؟ هل سأقرأه لأستفيد أم فقط لأن صديقي أو شخصية مشهورة أتابعها قرأته؟ و هل أملك الوقت أصلا لقرائته؟
انتبه جيدا قراءة الكتب في بعض الأحيان تكون مضيعة للوقت –

ليست العبرة في كثرة القراءة ، بل في القراءة المجدية .
– ارنولد توينبي

  • تذكر القاعدة الأولى و اسأل نفسك قبل أن تختار كتابا، ما الذي أحب قرائته حتى أستفيد منه بوعي؟
القاعدة الثانية: اختر كتابا تحتاج لقرائته

قد تكون هذه القاعدة معارضة نوعا ما للقاعدة الأولى. فحين تحب قراءة كتاب معين مع العلم أنك لست في حاجة للمحتوى المطروح فيه، فإنك ترتكب خطأ في حق نفسك!
هل سمعت يوما بهرم ماسلو للاحتياجات؟ في أدنى الهرم توجد الاحتياجات الفسيولوجية (التنفس، الطعام …). بعده تأتي السلامة والأمن (الصحة، التوظيف…) ثم الحب و الانتماء.

 

سد الاحتياج حينا يسبق الحب

مثلا؛ أنت الآن تدرس إدارة أعمال في الجامعة و تحب قراءة الكتب. اقترب موعد الامتحانات، مع ذلك تجعل من المطالعة أمرا أساسيا و تخصص لها وقتها و هذا شيئ جميل.
لكن أغلب ما تقرأه من كتب عن التاريخ و الحضارات السابقة. نفرض أنك تريد السفر إلى اسبانيا فقررت أن يكون كتابك الحالي عن المآثر التاريخية لإسبانيا.
أليس الأحرى لك أن تقرأ كتابا في مجالك -إدارة الأعمال-؟ ليوسع مداركك و يسد احتياجك في مادة دراسية معينة لديك. أو على الأقل تقرأ عن تاريخ الاقتصاد الاسباني و ريادة الأعمال في اسبانيا.
كما أشرت سابقا، قد تكون قراءة الكتب في بعض الأحيان مضيعة للوقت. فكن ذكيا في اختياراتك!

  • تذكر القاعدة الثانية وراقب المرحلة التي أنت فيها اليوم و اسأل نفسك، ما الذي أحتاج لتعلمه الآن حتى أقرأ عنه؟
القاعدة الثالثة: اختر كتابا لا يظهر لك منه نفع

لا تستغرب! بداية ترددت في كتابة هذه القاعدة و فكرت بدل العنوان الحالي أن أكتب: اختر كتابا ضمن لائحة أفضل الكتب مبيعا، و لو عاد بي الزمن لعامين للوراء كنت سأكتب لك هذا. لكني الآن اصر على: اختر كتابا لا يظهر لك منه نفع.

استمع بحب 💚

كل شيء مضمر في المحبة.

جلال الدين الرومي عالم صوفي
حكمة زمان – فيه ما فيه –

كانت رقاصة جميلة مرة تعزف على الصنج في حضرة الخليفة، فقال الخليفة: “في يديك صنعتك”. فردت: “لا في رجلي يا خليفة رسول الله، الحُسن في يدي لأن حُسن القدم مُضمر فيه”.
هل وصلتك الحكمة من القاعدة الثالثة؟

اغلب اختياراتنا للكتب تكون نابعة من إعجابنا بالعنوان، أو معرفتنا المسبقة بالكاتب. لكننا نستبعد و نتجاهل العناوين الغير مثيرة و الكتاب المغمورين.

  • هل فكرت يوما أن تشتري أول كتاب تراه عينيك على الرف؟
  • هل خطر على بالك أن تغمض عينيك في المكتبة و تسمح ليدك بأن تلتقط كتابا بنفسها؟
  • أن تقول في نفسك قبل دخول المكتبة مثلا سأشتري أول كتاب أراه باللون البنفسجي؟

قرأت يوما أن الهواء مُضمر في الخشب حتى حين يكون الخشب في التراب أو في الماء. فلو لم يكن فيه هواء لما كان للنار تأثير فيه. برغم أن الخشب قد يكون في الماء أو التراب يكون الهواء كامنا فيه ولو لم يكن الهواء كامنا فيه لما طفا على سطح الماء.

وهكذا الشأن أيضا في اختيار الكتب. رغم أن العنوان لا يغري و الكاتب غير مشهور و ثمن الكتاب زهيد بالمقارنة بما تشتريه عادة، و قد لا تكون سمعت بهذا الكتاب من قبل. إلا أن ما قد تكون تحبه و تبحث عنه و في حاجته مُضمر و مجموع في ذلك الكتاب الذي وقعت عليه عيناك، أو سقط من رف الكتب دون قصد منك أو فقط أعجبك لونه لكن تراجعت عن شراءه!

  • تذكر القاعدة الثالثة و اسمح لنفسك أن تستقبل ما لايخطر ببالك لكنه مضمر في كتاب ما.

 

 

شاركتك ثلاث قواعد أساسية في اختيار الكتب و التي أعمل بها. و هذا لا يمنع وجود قواعد اخرى و توجيهات مختلفة قد تساعدك في ان  تجد اجابة السؤال: كيف تختار كتابا ؟. لكن إن ركزت قليلا ستجد أن هذه الثلاثة هي كافية لك لأن تبدأ باختيار الكتاب الأحب و الأنسب و الأعمق لك أنت. فما هي القاعدة التي ستبدأ بتطبيقها؟ اكتب لي في التعليقات.

هذا رأيي، والرأي ظنّ، و الظن لا يُغني من الحق شيئا. أنت ابحث و تبَيَّنِ الحق.
كيف تختار كتابا
التعليقات (3)
شارك بتعليقك
  • حسن

    ثلاث قواعد مهمة في اختيار الكتاب المفيد،
    فكما الإنسان يختار بعناية الأطعمة التي تنفع صحته الجسدية ويتبع قواعد صحية مهمة، فكذلك ينبغي عليه اختيار الكتب التي تغذي عقله بالمعارف السليمة وتصب ضمن اهتماماته وأهدافه في الحياة. فالكتب متوفرة وكثيرة، ولكن القدرة على اختيار النافع والمفيد منها يحتاج إلى مهارة ومن ضمنها هذه القواعد الثلاث.

    • Zahra

      بالفعل أستاذ حسن، صدقت القول. فالجسد يحتاج الغذاء المادي و الفكر يحتاج الغذاء العلمي و الروح كذلك تحتاج غذائها. لكن الاختيار الصح هو الأساس.