لماذا نقرأ؟

لماذا نقرأ؟

كثيرا ما سمعتَ عن أهمية المطالعة و عن الدور الذي تلعبه الكتب في حياة الإنسان. وستكون حتما شاهدت أحد المشاهير يشاركك كتابه المفضل لهذا الشهر. أو ربما حتى الكتاب الذي غيَّر حياتي. لكن هل تساءلت في قرارة نفسك أنت؛ لماذا نقرأ؟

مع كل المعلومات و النصائح المتداولة حول إجابة هذا السؤال، إلا أنني اليوم أريدك أن تحدث نفسك. أن تسألها هي لماذا نقرأ؟ فتجيبك هي.

لكل منا حياة مختلفة عن الآخر، دراسة محددة، مجال عمل مغاير، حالة اجتماعية معينة، عمر متفاوت و طموحات قد لا نلتقي في أحدها. لكل هذا؛ أنت عليك أن تجد إجابة هذا السؤال: لماذا نقرأ؟

بداية كيف جاء هذا السؤال؟ أو لماذا أنا أكتب حاليا هذه المقالة و درجة الحرارة في مدينتي تتجاوز 40°؟

المتداول عادة حين الحديث عن القراءة أو المطالعة هو:

  • كيف تكتسب عادة القراءة؟
  • أو ما هي أفضل الكتب التي ستغير حياتك؟

صحيح أنها مواضيع مهمة و سنناقشها لاحقا، لكن كيف ستكسب عادة القيام بشيء ما إن لم تعرف وتكتشف سبب القيام به في الأساس؟ و لماذا أبحث عن مجموعة من الكتب و أنا قد أكون إلى الآن لم أقرأ ولو كتابا واحدا؟ أو قد أكون قرأت أكثر من اللازم!
انتبه لآخر جملة: أكثر من اللازم –

حكمة زمان – فيه ما فيه –

يحكى أن أحد الملوك أسلَم ولده إلى جماعة من أهل البراعة، حتى يعلموه علوم النجوم و الرمل وغير ذلك. حتى غدا أستاذا كاملا برغم غبائه المطلق و بلادته. وفي يوم من الأيام أمسك الملك في قبضته خاتما و امتحن ابنه.
“تعال، قل ماذا في قبضتي؟”
قال الأمير: “الشيء الذي تمسكه مدور و أصفر و مجوف”.
قال الملك: “أما وقد قدمت العلامات الصحيحة، فقرر الآن أي شيء ذلك؟”
أجاب الأمير: “ينبغي أن يكون غربالا”.
قال الملك: “حقا أعطيت هذه العلامات الدقيقة الكثيرة مما يحير العقول، و إذ لك هذا القدر من قوة التحصيل و العلم. كيف فاتك أن الغربال لا تتسع له قبضة اليد؟”

ليست العبرة في كثرة القراءة ، بل في القراءة المجدية.

ارنولد توينبي مؤرخ بريطاني

 لاتكن مثل هذا الأمير القارئ، الذي شقٌَ الشٌَعرة في العلوم و قد عرف غاية المعرفة تلك الأشياء الأخرى التي لا تَعَلُّقَ لها به و صارت له إحاطة كاملة بها.
أما ما هو مهم حقا و أقرب إليه من كل الأشياء الأخرى، أي ما تريده نفسُه أن يتعلمه فلا يعرفه ذلك القارئ، لايعرف نفسَه.
ينتقل بين الكتب كلها قائلا: هذا جميل؛ هذا قرأه ممثلي المفضل؛ هذا نصحني به صديقي؛ هذا من بين أكثر الكتب مبيعا…
غافلا عن السؤال الصح: لماذا سأقرأ هذا الكتاب الآن؟ لماذا نقرأ؟

تخيل معي
  • أنت الآن طالب علم تريد التخصص في مجالك، فتُسجل في جامعة متخصصة. مع هذا أنت تريد أن تتميز في دراستك فتقرأ: كيف أتميز في دراستي؟
  • أنت الآن تبحث عن عمل فتعد سيرتك الذاتية، فتقدم طلبك للشركات. مع هذا أنت تريد أن تتميز في طلبك فتقرأ: كيف أتميز في تقديم طلب عمل؟
  • أنت الآن تريد البدء في مشروعك الخاص، فتسأل من سبقك للميدان. مع هذا أنت تريد أن تتميز فتقرأ: كيف أتميز في مشروعي الخاص؟
  • أنت الآن على مشارف الزواج، فتستشير عائلتك. مع هذا أنت تريد أن تتميز فتقرأ: كيف أتميز في علاقاتي؟
  • أنت الآن أم / أب لأول مرة، فتطلب المساعدة من والدتك. مع هذا أنت تريد أن تتميز فتقرأ: كيف أتميز في تربية ابني؟

لماذا أول كلمة هي: إقرأ؟

سنعود للوراء أنا و أنت و نتذكر قصة نزول الوحي على رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام.
سنتفكر لماذا كانت أول كلمة يسمعها أو فعل يأمر بالقيام به هو: إقرأ.

في البداية كان الرسول ابن قبيلته فقط، يُعرف بالصادق الأمين لحسن تعامله. لكن مع نزول الوحي و مروره عبر كل المراحل التي نعلمها جيدا تميز محمد، و أصبح الرسول الأخير وأعظم بني البشر. بين الشخصية الأولى و الأخيرة نجد كلمة – إقرأ – وراء هذه النقلة. هل سألت الله يوما لماذا نقرأ؟
مهما كان تفسيرك أو تفسير الآخرين لقصة النبوة، إلا أن الله لم يجعل اقرأ أول كلمة تنزل على رسوله عبثا.

  • بل أراد بها أن تكون منهجا في حياتنا اليومية.
  • أن تكون منهجا لكل من يريد أن يتميز و ينتقل من مرحلة إلى اخرى.

لم تمر بي أبدا أية محنة لم تخففها ساعة أقضيها في القراءة .
-آرثر شوبنهاور

 كيف تصبح مثقفا ؟

قراءة الكتب و المطالعة كانت دوما صفة المثقفين. و كل من أراد أن يبدو مثقفا حمل كتابا و كوب قهوة و انغمس في تقليب الصفحات. أو ربما الآن تغير الوضع ليصبح أخد صورة للكتاب وأنا أشرب القهوة.
مجموعة أخرى تفضل رص الكتب في مكتبة منزلها كهواية وليس رغبة في مطالعتها. مع هذا تكون صور هذه المكتبات المنزلية جميلة كلما رأيناها في مواقع التواصل الاجتماعي
انتبه معي هناك جانب إيجابي في شراء الكتب و النظر إليها – حتى بدون مطالعتها. قد أتحدث عن هذا إن كنت مهتما، أخبرني.

لن أنكر أن في الفترة الأخيرة – أيام الحجر الصحي – العديد منا اتجه صوب المطالعة، مع كل الحملات التحسيسية عن طرق قضاء الوقت في المنزل بعيدا عن الملل. و كان أمرا تحفيزيا رؤية الشباب يشاركون الكتب التي يقرؤونها لكي تتحفز أنت أيضا و تبدأ المطالعة.
لكن الآن بعد انتهاء الحجر الصحي، ما درجة تحفزك للقراءة؟ هل لازلت تتابع من نصحك بحمل الكتاب أم نسيت الأمر؟

العديد من الناس يشترون الكتب ، لكنهم لا يتعدون قراءة الفصل الأول .
-أنتوني روبنز

صدقني إن لم تكن أنت من داخلك اتخذت قرار بدء المطالعة و حددت لماذا ستقرأ هذا الكتاب دون غيره فلن يستمر تحفزك!

في بعض الأحيان كنت أبدأ بقراءة كتاب معين – مشهور غالبا – لكني اكتشف بعد مدة أني تركته واتجهت لكتاب آخر. أحيانا أخرى أكاد لا أمضي ساعات أو أيام قليلة في كتاب قد تتجاوز صفحاته 300 صفحة. لماذا ما الفرق بين الكتاب الأول و الثاني؟

حين تجيب أولا عن سؤال لماذا سأقرأ؟ حينئذ يسهل الإجابة عن:

بكل بساطة أني علمت لماذا أقرأ الكتاب الثاني:

  • أردت تطوير نفسي في ناحية محددة.
  • احتجت لمعلومات عن مجال معين.
  • رغبت في اكتشاف علم جديد…
هذا رأيي، والرأي ظنّ، و الظن لا يُغني من الحق شيئا. أنت ابحث و تبَيَّنِ الحق.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

التعليقات مغلقة.

%d مدونون معجبون بهذه: