الأحد 11 أبريل سيكون يوم ميلادي إن كنت تقرأ هذه المقالة يوم نشرها فهذا إذن يوم ميلادي!
بداية لم أفكر من قبل أني سأشاركك مقالة بهذا التاريخ، لكن لتزامنه مع نهاية الأسبوع حيث أشارككم عادة مقالة جديدة على حكمتي فكرت أنه سيكون من المميز أن أكتب خاطرة نستمتع بها معا أنا وأنت.
مع أني لا أعدك أن الموضوع سيكون بعيدا عن التنمية والوعي ههه. حيث كنت أفكر عن ماذا سأكتب تذكرت أحد العناوين التي أردت دوما الكتابة عنها – أنا دائما ما تأتيني أفكار لعناوين المقالات وأكتبها جانبا – وهو مفاتيح السعادة ، أو بالأحرى ما هي القوانين التي إن اتبعتها صرت سعيدا؟
قد تتسائل في ذهنك الآن وهل أنت سعيدة زهرة؟ – أفضل عدم كتابة يا المناداة لأنها تشعرني بالبعد عنك – جواب هذا السؤال مفتوح و ستجده أثناء إكمالك لهذه المقالة.
ما هي السعادة ؟
أعلم، كباقي المصطلحات تختلف تعاريف الناس لهذا المفهوم من شخص لآخر. لكن ما أضمنه لك أن ما ستستقبله هنا لن أقول أنه التعريف الأصح ولكنه الأقرب للحق بالنسبة لك، لأن ما ستستقبله أنت سيختلف عما سيستقبله الآخر.
لو سألت 50% من ساكنة العالم ما الذي تريده في هذه الحياة؟ سيجيبك أريد أن أكون سعيدا.
ستسأله مرة أخرى: وما هي السعادة؟
الجواب: أن أكون فرحا؛ مستمتعا؛ أملك مالا؛ أملك أسرة جميلة؛ أسافر… ولن تنتهي لائحته.
لكن هل هذا كله هو فعلا السعادة؟ وهل أصلا هي ما تريده هذه 50% من الساكنة؟
هل السعادة هدف؟
لكي تعطي تعريف السعادة لابد من الحديث عنها من زاوية الأهداف، لأنك كما لاحظت أغلب الناس تصنفها كهدف فهل هذا صحيح؟
السعادة كمعادلة رياضية
سعادة: من سَعِد، أسعد.
- سَعِد بالشيء.
- أسعد فلان بشيء ما.
- س: حرف يستعمل للمستقبل، سأقوم بالشيء مستقبلا.
مثلا:
أنا أقوم بالكتابة يعني أنا الآن في هذه اللحظة أقوم بفعل الكتابة، لكن حين أقول سأقوم بالكتابة فهذا يعني أني سأقوم بفعل الكتابة غذا أو بعد غذ، أي سيكون هذا الفعل مستقبليا.
أنا أشتري لوازم المطبخ يعني أقوم بفعل الشراء الآن.
سأشتري لوازم المطبخ يعني ليس الآن، بل فعل الشراء سأقوم به مستقبلا.
- عادة: هي الفعل المتكرر لديك بصفة يومية في حاضرك.
فإن عدنا لمصطلح السعادة سنجد أنها تربط بين زمنين المستقبل والحاضر.
- س: زمن المستقبل، ما تريد القيام به مستقبلا.
- عادة: زمن الحاضر، الفعل المكرر يوميا.
لم كل هذه الفلسفة زهرة؟ فقط اكتبي تعريفا مباشرا!
أولا هذه ليست فلسفة ههه.
ثانيا أنا أريدك أنت أن تسكتشف معي التعريف الأقرب إلى قلبك.
مادمت أخبرتك أن السعادة كمفهوم تجمع الزمنين المستقبل والحاضر، فهذا يعني أنها تربط بأفعال جزء منها موجود في المستقبل وجزء آخر في الحاضر.
ما هو التعريف المتداول للسعادة؟
من بحثي الشخصي وحديثي مع الناس أجدهم يتفقون على أن السعادة هي حصولك على شيء محدد أو وصولك لهدف معين.
فتحقق السعادة في نظرهم هو مرتبط بتحقق غاية أخرى.
يعني مثلا دعني أسألك: ماذا تريد؟
جواب: أريد منزلا أمام البحر.
أنا: لماذا؟
أنت: لكي أشعر بالسعادة.
أنا إذن أنت تريد الشعور بالسعادة؟
أنت: نعم.
من هذا المثال ستفهم أن السعادة لدى الغالبية هي هدف يريدون تحقيقه عبر شيء مادي آخر، لذلك بالنسبة لهم فهي غاية مستقبلية.
انتبه جيدا وراء كل هدف مادي تسعى له يوجد شعور داخلي مخفي.
لكن بالعودة إلى استنتاجاتنا السابقة السعادة هي مجموع الزمنين المستقبل والحاضر. بمعنى مجموع فعلين أحدهما مستقبلي والآخر لحظي آني!
السعادة هي شعورك الداخلي اللحظي المستمر تجاه ما تريده مستقبلا.
تريد مالا: ما هو شعورك اليومي تجاه هذا المال؟ شعور وفرة أو ندرة؟
تريد زواجا: ما هو شعورك اليومي تجاه هذا الزواج؟ شعور هم أو حب؟
أو نجاحا: ما هو شعورك اليومي تجاه هذا النجاح؟ شعور تعب وسهر أو يسر وسعي؟
مفاتيح السعادة
لكي تستمر معك السعادة كشعور داخلي إيجابي لما تريد الوصول إليه مستقبلا لابد من الالتزام بخطوات تسمى مفاتيح السعادة.
1- المعرفة
التزم بالبحث الدائم عن العلم بما تريد تحقيقه. لتكن غايتك ليست أن تصبح عالما بحد ذاته، وإنما أن تعيش بقيمة العلم كقيمة انسانية تتطور بك وتطور بها الآخرين.
ما علاقة المعرفة بالسعادة؟
الاستمرار في الشيء يتطلب التجديد و التطوير فيه، حتى لا تقول أنا أشعر بالملل أو الطريق طويل وصعب وهذا أساس طلب المعرفة الدائم.
انتبه جيدا المعرفة والعلم الحقيقي يظهر لك أساليب تجعل من السعادة شعورا مشوقا ومحمسا.
“يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ”
2- السعي
بعد أن بحثت و قرأت وتعلمت المعلومات التي تحتاج الى تطبيقها لتعيش بسعادة تجاه ما تريده لابد من تطبيق هذه المعارف وتجربتها إن كانت صحيحة أو خاطئة.
أغلب الأشخاص يركزون على ما سيحققونه في النهاية بدل سعيهم وهذا ما يجعلهم بعيدين عن اللحظة التي هي أساس السعادة.
انتبه جيدا أنت مطالب بالسعي فقط وليس بالنتيجة.
“وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ”
3- الصبر
أنا لا أتحدث هنا عن صبر الموروثات الذي يعني لطم الخدود وترديد ‘ايييه أنا صابر وحسبي الله…’ بدون فهم واستيعاب.
أثناء سعيك نحو الهدف ستعيش اختبارات معينة ليتأكد الكون من مدى وضوحك وصدقك فيما تريده، وهذه الاختبارات تسمى اختبار النية.
الصبر الحقيقي معناه الاستمرار في السعي رغم الأخطاء. إذا فشلت في الطريق الأول غير الطريق، إذا وجدت الباب مقفلا غير الباب، لا تحاول كسر الباب المغلق لأن خلفه متاعب وآلام كثيرة.
غير الطريق، غير الوسيلة، غير الباب، لكن لا توقف السعي!
انتبه جيدا قطفة صبر الموروثات هو آلام واستمرار المعاناة، أما الصبر الحقيقي فقطفته هي تحقق ما تريده.
“وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ”
4- صوت الروح
سألتني صديقتي يوما كيف أفرق بين تجلي أهداف الروح وأهداف الايغو؟
جوابي كان عبارة عن دعوتها للتركيز على على 3 نقاط أساسية في كل هدف.
أهداف الايجو
- السعي نحوها يكون متعبا ومرهقا ومليء بالعقبات.
- مصدرها خارجي، إما رغبة الوالدين أو الرغبة في تقليد الآخرين.
- بعد تجليها لا تستمتع فيها كأنها لم تغير منك شيئا.
أهداف الروح
- السعي نحوها ممتع وميسر وتعيش فيه السعادة.
- مصدرها داخلي، نابع من رغبة روحك في الهدف.
- بعد تجليها تستمتع بها و تنتفع و تنفع بها الآخرين.
- المدهش في أهداف الروح أنها تنتقل بك من مستوى إلى آخر.
انتبه جيدا كل هدف نابع من روحك وتسعى إليه مهما بدى لك بعيدا وصعبا فاعلم أن فكرته لم تتجلى بعقلك إلا وأنت على قدره.
“لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا”
5- الرضى
كنت في عيد الحب كتبت مقالة بعنوان كيف تعيش الحب الحقيقي ، وتحدثت فيها عن ثاني مستويات الاتصال بالله وهي المحبة.
اليوم سأشير باقتضاب إلى ثالث مستوى وهو الرضوان.
الرضى هنا ليس مجرد القبول بما قسمه لك الله، وإنما الرضى الحقيقي هو أن يتم الله عليك نعمه كاملة فتعيش بذلك سعادة مستمرة ومتتالية.
الرضى الحقيقي قد يتجاوز كونه مفتاح للسعادة ليكون جزاء هذا الشعور الدائم.
انتبه جيدا الرضى هو آخر درجة مشاعرية بإمكان بشر أن يعيش فيها.
“وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ”
لم يقل الله فتفرح، فتسعد، بل قال فترضى!
بعدما علمت أن السعادة هي حالتك الشعورية اللحظية المستمرة تجاه أهدافك ونواياك، وتعرفت على أهم مفاتيح السعادة – هناك مفاتيح أخرى قد نتطرق إليها مستقبلا – حان دورك لتفعل هذه الأفكار بكل يسر وخفة في حياتك.
في ختام هذا المقال إليك حكمتي
أعلم أنك قد تكون انتظرت أن أكتب لك في عيد ميلادي عن نفسي. لكن ما جدوى أن تسمع عن حياة شخص لازال يسعى ليعيش نسخته الأصلية؟
أليس من الجميل أن أشاركك خطوات سعيي هذا ونعيشه أنا وأنت سوية بكل سعادة وحب؟
كل عام وأنا أقرب لكل ما تريده روحي
موضوع جميل جدا تحياتي ✌️
شكرا لك ابراهيم و قراءة ممتعة 🥰