العمرة كما لم تسمع بها من قبل
نعم الله في كل مكان و زمان، لكن ماذا لو علمت أن هناك مكانا واحدا في هذا الكون – حتى الآن – يجعلك أقرب منه؛ أعلم به؛ أحس به؛ أعرف به…؟
ككل شخص يستعد ل العمرة أردت أن أعرف ما الذي يجب علي القيام به لتتم مناسك هذه العمرة في أجمل صورة. و لأني أعيش في عالم التكنولوجيا، كان سهلا دخول اليوتيوب وكتابة
كيف أستعد للعمرة ؟
لم تكن الإجابة واحدة ولا اثنتين ولا حتى مئة، بل آلاف من الإرشادات التي ابتدأت بما علي ارتدائه وصولا بما الذي يجب علي قوله.
لن أخفي عليك أني فعلا استمعت و شاهدت وقرأت معظم ما قيل عن الاستعداد لهذه الرحلة. إلى أن كثُرت علي الأحاديث و الآيات والسنن التي شاركها أشهر فقهاء العالم الإسلامي، و أنا ممتنة لتقاسمهم هذا العلم.
لكني و في لحظة ما وجدت نفسي ضائعة بين كل هذه الأوراق التي كتبتها. سائلة نفسي متى سأحفظ كل هذا؟ و هل بإمكاني أن احملها معي أثناء المناسك؟
مرت الأيام ليسألني والدي: “هل قرأت يا ابنتي قليلا عن المناسك؟”.
أجبته: “نعم”.
فقال لي: “جيد. المهم هو النية”.
وكانت إجابته هي الفاصل في إنهاء ما بدأته. تعلمت ما هو مؤكد عن رسولنا الحبيب فقط، والحقيقة أن سنته لم تتعدى بضع خطوات ميَسَّرة و سهلة عكس أغلب ما تم نشره.
تلك اللحظة التي تنطق بها “لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك” هي اللحظة التي تتجرد فيها من نفسك، من جسدك، من شكلك، من جنسيتك، من أموالك، من علمك، و من كل عالمك. ليبقى فقط أنت الحقيقي.
أنت الحقيقي فيما بينك وبين الله و تبدأ العيش بين الخوف والرجاء…
الخوف من كل ما ارتكبته من ذنوب وسيئات، فأسأل نفسي هل يغفر الله لي ما قمت به؟
الرجاء في رحمة الله التي وسعت كل شيء و عفوه عني، فأدعوه رجائي كبير فيك ربي!
أنا لا أكتب لك الآن لأقول أني معتمرة أو أضع لنفسي هيبة إضافية. و لكن في داخلي رسالة كان ولا بد أن أوصلها لك أيا كنت وأيا كان مكانك في هذا العالم الجميل.
- العمرة ليست فقط العمرة التي قرأت عنها.
- مكة ليست فقط مدينة الرسول.
- الروضة الشريفة ليست فقط سجادة خضراء و منبر الرسول.
- المدينة ليست فقط حيث يوجد المسجد النبوي.
- الكعبة هي الوجهة و ليست المقصد.
- المناسك ليست هي فقط ما تقرأه في الكتب…
– انتبه جيدا – الله واحد لكنك أنت مع الله تختلف باختلاف الزمان و المكان.
كيف تعيش أنت الحقيقي؟
لم يكن سهلا أن أتجرد من كل ما حولي من أفكار ورغبات بالكلام و التسوق و أخذ الصور. لكني علمت في لحظتها حين رأيت الكعبة أن رب الكعبة هو مقصدي و أخدت وعدي أني سأعيش هنا و الآن.
قبل سفري جلست في خلوة مع نفسي لأكتب نواياي من هذه العمرة و ما الذي أريده منها! لقد كتبت 5 أهداف ربما أشاركها معكم، كما أني حفظت عن ظهر قلب عشرات الأدعية المأثورة لكي أرددها في الأماكن حيث يستجاب الدعاء كما قرأت. ( في الطواف، عند الملتزم، عند الحجر الأسود، في حِجر اسماعيل…).
هل أخبرك سرا يظل بيني و بينك؟
لم أتذكر أيا من أهدافي التي كتبتها و لا الأدعية التي حفظتها، مع أني كنت أحمل معي مذكرتي طيلة الوقت.
لكن في ذلك المكان؛ في مكة؛ في المسجد الحرام؛ وأنا أنظر الى الكعبة، استشعرت أني لست أنا من يخطط للأهداف، بل أنا أعيش هدفي. أنا في بيت الله؛ في حضن ربي؛ فهل هناك وقت لأفتكر ما الذي كتبته؟ إنه المكان الذي يشعرك بهدفك الحقيقي من العيش!
نعم، كنت أدعي بالصحة التامة؛ بالرزق الواسع؛ بالعلم النافع؛ بالزوج الصالح… ولكن في لحظتها لم تعد هذه أدعيتي.
أصبح كل كلامي: الحمد لله أنك ربي… الحمد لك ربي أنك جعلتني مؤمنة بالفطرة… الحمد لله أني شهدت أنك أنت الله لا إله إلا أنت.
– انتبه جيدا الشهادة الحقيقية بعيدة كل البعد عن الترداد و البَغْبَغَة التي تعوَّدنا عليها –
أنا لن أدعوك إلى حفظ ما أكتبه أو شراء كتاب لتعلُّم المناسك، و لكن أدعوك أن تترك نواياك لله. أن تجعل نفسك خالصة لله و أنت هناك، لأن ما ستعيشه كونك أنت الحقيقي أعظم بكثير مما ستتعلمه من أي شخص. لن تجد نفسك مضطرا لقراءة القرآن طيلة اليوم، ولا للصلاة طيلة الليل، و لا للدعاء كل ساعة. بل ستجد نفسك بين يدي الله الذي لا ينتظر منك لا ختمتك و لا صلاتك و لا دعائك. و لكنه ينتظرك أنت الحقيقي و حين تكون في معية الله ستعيش اللازمن!
ما هي مدة العمرة ؟
القصة لا تنتهي بعد العودة من العمرة على الأقل بالنسبة لي. بل فتوحاتها بدأت بعد الرحلة و أنا ممتنة لكل ما عشته أثنائها و بعدها وما أعيشه حتى الآن من نِعم.
- كيف بإمكاني أن أتقرب إليك ربي؟
- ما هو العلم النافع الذي سأتعلمه؟
- لماذا ظل الحجر الأسود قائما حتى بعد امتلائه بطاقات ملايين البشر السلبية؟
- ما هو البديل لمن لم يستطع الوصول إليه؟
- هل فعلا أنت ربي ترضى لي أن أدخل بين مئات المعتمرين حتى أقبل حجرا أسودا؟
– وأنا أفكر في هذا السؤال عشت واحدة من اللحظات التي لن أنساها ما بين الحيرة و الحزن و الغضب… سأكتب عنها يوما – - كيف بإمكاني أن أعيش حالة الطمأنينة هذه حين أعود لبلدي؟
كل هذه الأسئلة و غيرها طرحتها أثناء الطواف بالكعبة أو أنا أنظر إليها من بعيد.
وجدت لنفسي مكانا خاصا يكون معظم الوقت فارغا. – مع أن الشرطة غالبا ما كانت تصرخ ‘ يا حَجِّيَه ‘ دون العبء بحالة الخشوع التي قد تكون فيها وهذا وجه آخر غير مبهج من الرحلة –
لم أجد الإجابات طيلة العمرة مع أن هذه الأسئلة كانت تتجول في خاطري كل يوم. و لكني و أنا أكتب لك بعد عام كامل من هذه الزيارة سعيدة بالقول أنني تلقيت معظم إجاباتي التي احتجتها في الوقت المناسب. لهذا قلت أن رحلتي لم تنتهي حتى الآن، و انما كانت هي البداية و هكذا أدعوك لتعيشها أنت أيضا.
– انتبه جيدا لست مضطرا أن تذهب للعمرة حتى تعيش رحلتك، في كل مكان تتواجد فيه قد يكون بداية الرحلة وما عليك سوى أن تطرح الأسئلة الصحيحة –
سأكتفي اليوم بهذا القدر من المشاركة و لكن الكتابات طويلة في هذا الموضوع. وسأشاركها معكم حين يتناسب الوقت مع مستوى تقبلكم للمعلومات الجديدة.
للذكرى
- تذكري جيدا صديقتي، ليس هناك لباس أو لون مفروض عليك و لا ضحكتك وابتسامتك هناك عيب.
– فقط للضحك، كثيرا ما قيل لي هنالك: إسدال يا اختي… إسدال! بمعنى غطي وجهك – - تذكر جيدا، ما بينك و ما بين الله اتصال روحاني لا تفرضه جهات و لا تحدده معلومات في كتب. التزم بالسنة النبوية الواضحة و لك أن تبدع في اتصالك.
- تذكر جيدا، الله في كل مكان و زمان ولكن هناك نفحات خاصة تصلها فقط إن عشت بأنت الحقيقي.
التسجيل الصوتي للمقالة . استمتع و شارك بحب 💚
وعلمي أن رأي الآخرين فيك لا ولم ولن يدل عليك لأن هذا الرأي يكون مبني على قيم ونظام وتفكير هولاء الآخرين، لا قيمك انت ولا مفهومك أنت ولا تفكيرك انت فأنا وانت والجميع معجزة من الله سبحانه وتعالى.فكيف لي شخص أي يحكم على شخص أخر ليحدد مصيره.
سبحان الله وبحمده وما شاء الله عليك أختي زهراء، حكمتك جميلة وزوينة ، حتى أنا مررت بنفس التجربة وسبحان الله لي سنتين هنا بالسعوديه ،ومرة واحدة درت عمرة قبل ازمت كورونا وإلى يومنا هذا لازلت أتذكر كل لحظة عشتها ولم اتلقى ولم أستطيع أن أجد تعبير صحيح مثل ما قلته سوا .الحمد لله الذي جعلني مسلما بالفطرة.
اما بالنسبة لى الناس لي كيقولو لك اسدالي يا أختي ، 🤦🏻♂️😂هذا الناس هكا دايرين لما تكون بنت عندها 12 سنة كاتخبي وجها
صحيح اخي حكيم كلنا من معجزات الخالق و كلنا متميز عن الاخر.
بالفعل الوجود في مكة هو وجود في عالم روحاني لايوصف و الحمد لله الذي رزقنا زيارته ونساله عودة قريبة ان شاء الله.
ههه وييه!
[…] المحتمل أن يكون حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى“، […]