صداقة بأطيب النكهات

الصداقة الحقيقية: خاطرة من القلب

لم تكن يوما متطلباتي في الصداقة كثيرة ولا شروطي في الإنسان الذي سيكون صديقا لي معقدة. كنت أريد فقط صديقا وفيا طيبا!
إذا نظرت خلفك لسنين مضت وتذكرت تلك الصداقات القديمة التي بنيتها والتي قد تكون مستمرة لحد اللحظة، ستجد أنها كانت صداقة بدون شروط.
ستلاحظ نفسك صادقت صبيا فقط لأنه يسكن في نفس حيك، أو أنت صادقت فتاة لأنها جلست بجانبك في مقعد الدراسة. كان لديكما قاسم مشترك وحيد سمح لكما بفتح بوابة علاقة جديدة والتي قد تكون مفتوحة إلى الآن.

أعلم أن البعض منكم قد يقول في نفسه أن الحديث عن موضوع الصداقة مبتذل ومر عليه الدهر. لكن اسمح لي يا صديقي أن أشاركك هذه الخاطرة وتقبلها مني. فأنا اليوم افتح لك جزء من قلبي ولست هنا لأنظر عليك!

الساعة الآن تقارب منتصف الليل، أشاهد البحر وضوء القمر منعكس عليه. في هذا الجو الجميل بدأت بإعادة قراءة واحد من أحب الكتب إلى قلبي. لكني فجأة قررت أني أريد الكتابة، أخذت قلمي وبدأت أستذكر العناوين التي في مخيلتي.

صداقة بأطيب النكهات، هذا هو العنوان الذي وقع عليه الاختيار و سأخبرك فيما بعد من أين جاء هذا العنوان الجميل!

صداقة المصالح: نعمة أم نقمة؟

أنا أتواجد في هذا المكان، نواحي مدينة الصويرة منذ أكثر من 20 يوم. ولكونه قريبا من مدينتي بإمكاننا التنقل جيئة وذهابا بسهولة.
شخصيا لم أغادر هذا المكان منذ مجيئي، لكن أخي كان يتردد على منزلنا لقضاء أشغاله الضرورية وفي كل مرة يسألني: هل تحتاجين لشيء لأحضره لك؟
بالطبع إجابتي كانت نعم، ههه.
حديثي الآن لن يكون عن أخي الحبيب، فنعم كان يحضر كل شيء أطلبه. لكن كانت هناك أشياء ما كان ليحضرها إلا شخص واحد، صديقتي.
ستتساءل: وهل الصداقة بإحضار متطلباتك؟
الجواب السريع لا. لكن إذا فكرت مليا وبعمق ستجد نفسك لا تطلب شيئا إلا من صديق وفي و طيب.

انتبه جيدا أنا لا أتحدث عن صداقة المصالح فهي أيضا متواجدة لكن بشروط.

في كل مرة كنت أتواجد فيها في مكان بعيد عن مدينتي و أحتاج لشيء ما أو لدي عمل يجب قضاؤه كانت صديقتي مستعدة لمساعدتي. هذا شيء جميل حقيقة، لكن الأجمل بالنسبة لي قدرتي على طلب هذه الأشياء منها ورغبتها هي في مساعدتي.
فكم من المرات احتجت المساعدة لكن لم يتواجد حولك شخص ليساعدك؟ وكم من المرات طلبت هذه المساعدة فقوبلت بالرفض؟

وأنا أقلب في ذكرياتي أكاد لا أجد شيئا أخفيه عن صديقتي هذه. أستطيع مناقشتها في كل شيء نعم أفكارنا وتوجهاتنا وحتى نظرتنا للمستقبل قد تكون مختلفة، لكن مع هذا أملك حرية الحديث معها دون الخوف من أحكامها.

أفضل هدية لروحك هي أن تطورها بضغطة زر واحدة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

إشارات الصداقات الناجحة

هل أستطيع الاعتراف لك أن صديقتي هي على قمة لائحة الأشخاص الذين أستطيع الاعتراف لهم بالحزن أو الخوف من شيء ما؟
بالتأكيد صداقة عقدين من الزمن كفيلة لأثق في شخص وأشاركه مشاعري!
نعم معرفة وصداقة بدأت قبل أكثر من عشرين عام، والحمد لله مستمرة إلى الآن.
درسنا في قسم مشترك واحد فقط. نفس المدرسة الإبتدائية، نفس المدرسة الإعدادية، لكن بعدها اختلفت توجهاتنا لكن العلاقة استمرت.
كيف هذا؟

لا أريد أن أغير هذه الخاطرة لتصبح ذات طابع نصائحي وتنموي. لكن سأشاركك إشارات خاصة بعلاقتي مع صديقتي هذه دون اعتبارها قواعد للصداقة.

  1. لا مكان للأحكام
  2. باب النقاش دوما مفتوح
  3. الاعتذار مسموح في كل الأوقات
  4. قضاء الحوائج متبادل
  5. لكل منكم مساحة خاصة غير مشتركة

لا أعلم إن كانت ستفيدك هذه المعلومة، لكن اسأل نفسك في كل علاقة صداقة: هل بإمكاني إعطاء مفتاح منزلي لهذا الشخص وأنا مطمئن؟
سيذهب تفكيركم إلى الأموال أو الذهب أو الأشياء الثمينة الممكن تواجدها داخل منزلك. لكن رمزية المنزل أكبر بكثير.
منزلك؛ هاتفك؛ بطاقة حسابك؛ رموزك السرية؛ معتقداتك الداخلية؛ مشاعرك؛ رقم هاتف شريك حياتك ههه…

فقط فكر وأجب

كيف استحق المحبة الإلهية؟

الصديق وقت الضيق: برمجة مجتمعية خاطئة

إذا بدأت بالكتابة عن اللحظات التي شاركتها مع صديقتي لن تكفيني خاطرة واحدة. لكني متأكدة أنها ستضحك حين ستتذكر أول صلاة تراويح لنا في ليلة القدر. وكيف تنقلنا من مسجد إلى مسجد وفي كل مرة لا نجد مكان لنصلي فيه، فكوننا كنا صغارا لم تكن النساء تسمح لنا بالصلاة بجانبهن…
وأيضا سفرنا إلى مراكش و السهر في شرفة المنزل، نستمع تارة إلى سمير الليل ‘برنامج إذاعي’ و تارة أخرى نتحدث على الهاتف “If my mom likes you” هي ستفهم ههه…
وكيف أن النادل فور تقديمه لنا لوجبة العشاء، وهذه كانت أول مرة نتعشى بمفردنا في مطعم ‘ذي تقييم عالي كما يقولون’ يتصل والدي ليخبرنا أنه حان وقت العودة للمنزل، فما كان لنا سوى أن نجري وسط ساحة جامع الفنا…

أما يوم قررت أن أعلمها ركوب الدراجة الهوائية فهو يوم كفيل لنضحك عليه أسبوعا كاملا. والحمد لله لم تبقى في جسدها أي علامة تدل على ذلك السقوط الهائل الذي سقطته…

وستضحك أيضا على آخر عيد ميلاد لي الذي احتفلت به معها في فندق تصرفنا فيه كأنه منزلنا. ولأن الظروف الحالية منعت كل أشكال الاحتفالات في الفنادق، إلا أن النادل أخذ ولاعة السجائر من صديقه. وبحث لنا عن شموع ملونة كانت في المخزن وأعد حلوى ميلاد لا أعتقد أن شخص آخر أعد له مثلها. المضحك أن صديق النادل جاء لغرفتنا بعد منتصف الليل ليسأل عن ولاعته ‘صافي شعلتو؟’ هههه…

ستتسائل و أين هي لحظات المواساة أو لحظة أقول فيها أني لم أجد بجانبي سوى صديقتي، أو ربما في يوم احتجت فيه إلى المال هي ساعدتني!
تساؤلك صحيح، وأغلب علاقاتنا يكون اختبارها في أوقات الشدة. لكن للأسف هذه ليست سوى برمجة تعودنا عليها.

فكلما صادقت شخصا انتظرت ذلك الظرف الصعب لكي تختبر معدن هذا الشخص الجديد، هل يستحق صداقتك أم لا؟
كن على يقين أن ما تقوم به ليس سوى جذب الظروف الصعبة لحياتك.

انتبه جيدا من كارما الصديق وقت الضيق.

نوايا العلاقات: الباب مفتوح للمغادرة

لا أتذكر يوما أنه تمت خيانتي أو أذيتي من صديق لي، أو أني وضعت نيتي في شخص فكان عكس هذه النية. لأني آمنت أن لكل شخص سبب لتواجده في حياتنا.

ربما لديك صداقات أكثر تميزا وأكثر عددا من التي لدي. ولأني إنسانة متحفظة في علاقاتي فأنا أترك روحي تختار من تريد أن تصاحبه. فنعم صداقاتي قليلة و نادرة و لأصدقك القول لدي معارف كثر و صداقات طفولة أعتز بها وممتنة لها غاية الامتنان.
فكلما التقيت أو تحدثت مع أصدقاء الطفولة والدراسة إلا وتذكرنا معا لحظاتنا الجميلة.
نعم كانت لدي صداقات و انتهت، لكنها غالبا كانت صداقة دراسة أو عمل أو مصلحة متبادلة حين تم قضائها انتهت معها تلك العلاقة.

مع هذا هناك صداقة بأطيب النكهات
صداقة تبدأ بشكل عفوي وتستمر عفويتها طيلة السنين. لا توقعات ولا انتظارات، كل لحظة منها تصنع نكهة مميزة لحياتك.
صديقتي التي تحدثت معك عنها واحدة من هذه الصداقات، و صديق آخر لي كان أيضا رفيق درب.

حضر الحب فصار كالدم في عروقي و جسدي
لقد أفناني وملأني بمحبوبي
اخترق المحبوب كل خلية في جسمي
لقد بقي من جسمي الاسم فقط وكل شيء آخر كان ‘هو

– مولانا

النهايات الصحيحة للصداقة

يخبرني جزء من عقلي أن أنهي المقالة هنا، لكن أنت تعلم أن للقلم حق الكتابة!
في كل تمرين امتنان كنت أكتبه كان لا بد من تواجد هذين الشخصين. أنا ممتنة لتواجدهما في حياتي ولكل ما تعلمته منهما.

يكاد يكون من النادر في مجتمعنا أن تجد صداقة جميلة وطيبة بين شاب وفتاة بدون اشتراطات أو نوايا سيئة.
فكما تشاركت مع صديقتي لحظات رائعة، كان لهذا الصديق الأثر العميق في حياتي. أول سفر من دون والدي كان برفقته؛ أول تجربة عمل رسمي؛ أول ربح مادي من عمل حر…
وربما إذا قرأ هذه المقالة يضحك حين يتذكر رحلاتنا بالباص و وصولنا المبكر، و نومنا في مسجد المحطة والبرد في مدينة تطوان ورحلتنا بالسيارة إلى فاس مع معارف اخرين… والكثير من النكهات!

إن كان هناك شيء ميز صداقتنا هذه كانت لتكون الراحة. الراحة في الحديث ليس فقط حول الأمور الجميلة والجيدة ولكن أيضا عن ما لا يعجبنا، عن كل الفوضى في الحياة!
لم تكن هناك اشتراطات: متى أحدثه؟ كيف أكلمه؟ ما الذي سأقوله؟ كيف سأبدو؟… لا، كل شيء يتم براحة.

أتذكر أحد مقاطع أحمد الشقيري حيث تحدث عن قواعد 3 للصداقة الحقيقية، صديق يبادلك المتعة و الأسرار و المنفعة المادية.
وبالفعل كانت بيننا كل هذه الأمور، و أنا أؤمن أن أكثر ما عمق من صداقتنا كانت معرفة أهلي بصديقي هذين فكان من السهل إمضاء الوقت معهم ليصبح هذا الوقت سنوات طويلة.

ما هي أهمية حسم الملفات المفتوحة؟

إن كنت منتبها أثناء قرائتك لحديثي عن صديقي الثاني ستلاحظ اني استعملت ‘كان’ وهي فعل ماض ناقص كما تعلم!
نعم، المقصد ليس أنه كان صديقي ولكنه كان متواجدا في حياتي.
لن أدخل في التفاصيل التي عن نفسي لا أعلمها، لكن كما أخبرتك سابقا هذه خاطرة فتقبلها مني.

ربما لو افترقت بنا الطرق قبل ثلاث سنوات كنت لأبكي وأحزن و أسقط اللوم على أحدنا لكني الآن متفهمة لرسالات الأشخاص من حولي و للعقود الروحية التي تجمعنا بالناس.
ما أريد قوله أو لماذا في الأساس أنا أكتب عن صديق لم يعد موجودا هو أن أخبرك أن لكل إنسان رسالة سيعلمك بها ثم يذهب بطريقة من الطرق.
لكن إن كانت صداقة بأطيب النكهات فهي بالتأكيد ستكتمل و ستنهي أدوارها التي خلقت من أجلها.
وبيني و بينك أؤمن من داخلي أن صداقتي هذه لم تنتهي ولازالت هناك حبال طاقية ستقطع يوما ما. لكن السؤال هل ستقطع بهدوء أو بعاصفة؟

نكهات الصداقة

كل شخص قام ب Uterne من حياتك أنت أيضا لك حق هذا ال Uterne و إبعاده من حياتك. لكن إن كانت لا تزال بينكم ملفات مفتوحة فلا بد أن تغلق.

  • لا تنهي صداقة تشعرك بالحب قبل أن تغلق هذا الحب!
  • لا تنهي صداقة تشعرك بالراحة قبل أن تغلق هذه الراحة!
  • لا تنهي صداقة تشعرك بالتطور قبل أن تغلق هذا التطور!
  • الحب؛ الراحة؛ الإنجاز… كلها نكهات لصداقة تدوم إلى أن تنهي رسالتها.

صداقة بأطيب النكهات… عنوان شاهدته في أحد إعلانات قناة سبيستون للأطفال، وكان إعلان لحليب تمت إضافة ثلاث نكهات إليه: الفراولة؛ الشوكولا؛ الموز!

في ختام هذا المقال إليك حكمتي

نيتي هي أن تتطور روحي بيسر و بأقصر الطرق، فإن كان تواجد صديقي هذين على مسار نيتي هذه فأنا أكثر من سعيدة وإن كان العكس فالصداقات الروحية نرزقها من حيث لا نحتسب!

  محبة إلهية خالصة لكما 💚

هذا رأيي، والرأي ظنّ، و الظن لا يُغني من الحق شيئا. أنت ابحث و تبَيَّنِ الحق.
تطورخواطرصداقةعلاقاتكتبمشاعرملخصات كتب
التعليقات (6)
شارك بتعليقك
  • Banani

    مقالة جد رائعة والله استفدت واستمتعت بقرأتها .صحيح أن الصدقات متنوعة ولكن تبقى الصداقة الطيبة دو نية صافية ، والصداقة بالصدفة أحسنها 🤗🤗🤗

    • Zahra

      سعيدة جدا جدا بتعليقك براهيم 🥰
      بالفعل النية الصافية تجمعنا بأحب الناس 🌸

  • عبد الحليم يحيى

    مقال جميل زهرة، استمتعت بقراءته على الرغم من أنني أخالفك في نقطة وهي أن الصديق وقت الضيق فعلا
    لا يتجرؤ على الاقتراب منك وانتشالك وقت الضيق إلا قريب (أحد أفراد الأسرة), حبيب (حسب جنسك طبعا) وصديق
    الصديق يستطيع أن يكسر كل الحواجز والشكليات والرسميات والعوائق حتى وإن كانت في شخصه ككبريائه وطبيعته الانطوائية مثلا ووضعه المادي وحالته النفسية وما قد يترتب عن مساعدتك إن كان للأمر عواقب وعوارض سلبية