متلازمة ٣١ ديسمبر ! الكابوس الأسود ل ٩٥٪ من الناس
كيف هذا؟
ليلة دخول رمضان، ليلة العيد، ليلة الدخول المدرسي… ما القاسم المشترك بين هاته الليالي؟
هرولة الناس! الأسواق مليئة، المتاجر مزدحمة، الانفاق في اوجه…!
دعني أسئلك: هل كان هؤلاء الناس يجهلون متى رمضان أو متى العيد؟
هل تاريخ شهر رمضان مخفي إلى آخر لحظة؟ Surprise يعني!!
لا أبدا، كل الناس تعلم متى رمضان ومتى العيد ومتى يبدأ الدخول المدرسي.
ولكنها تفضل تأجيل كل شيء لآخر لحظة!
شراء الملابس، زيارة الأهل، تنظيف المنزل، قضاء الأغراض، تعليب الطعام، الاستعداد للسفر…
تأجيل، تأجيل…
نفس الأمر ينطبق على متلازمة ٣١ ديسمبر !
ما المقصود ب متلازمة ٣١ ديسمبر ؟
أعتقد أنك تعرف ديسمبر وهو آخر شهر في السنة. أما ٣١ فهو آخر يوم من الشهر.
تبقى كلمة متلازمة هي الجديدة نوعا ما.
المتلازمة هي مجموعة من العلامات والأعراض الطبية المرتبطة مع بعضها والمتعلقة غالبا بمرض أو اضطراب معين.
الكلمة مشتقة من اليونانية «سيندرومون»، وتعني «تزامن». في بعض الحالات، ترتبط المتلازمة ارتباطًا وثيقًا بالأمراض أو السبب حتى أصبحت الكلمات متلازمة ومرض واضطراب تُستخدم بالتبادل.
في حالات أخرى، لا تختص المتلازمة بمرض واحد فقط؛ فمثلا، قد تحدث متلازمة الصدمة التسممية بسبب السموم المختلفة، وقد تحدث المتلازمة أمام الحركية بسبب آفات الدماغ المختلفة.
وقد تحدث بسبب قرب نهاية السنة وبداية السنة الجديدة!
آخر جملة هي من عندي وليست في ويكيبيديا ههه.
لماذا قد تصيبك متلازمة ٣١ ديسمبر ؟
في شهر ديسمبر ‘أو دجنبر كما نسميه نحن في المغرب’ تدور أغلب الأحاديث اليومية على نهاية السنة وبداية العام الجديد. لذلك يبدأ العقل في التساؤل عن شيء واحد فقط ما الذي حققته؟
فتكون إجابة أكثر من 95 في المئة من الناس لا شيء! وهنا تبدأ مهرجانات التهويل، يا إلهي انتهى العام ولم أحقق شيء. أهدافي ل 2021 لم تتحقق، ضاع العام ولم أنجح في شيء، العام الذي مضى مثل العام القادم…
كل هذه الجمل تجعل الشخص يدخل في دوامة من الإحباط والاكتئاب والحزن. والعجيب لن تكون لوحدك؛ في اللحظة التي ستدخل فيها هذه المتلازمة سيظهر من يشاركك هذا المهرجان النكدي.
أنا هنا لست ألومك، ولكن اقترح عليك مفهوما جديدا كان غائبا عني. فأنا أيضا كان يمضي علي شهر ديسمبر لحاله كأنه سنة من شدة ما أعانيه فيه من جلد الذات.
خصوصا حين ترى الجميع يتحدث عن ما حققه ونتائجه المبهرة، والأهداف التي أنجزت، ولسان حالك يقول، أنى له هذا؟
لذلك سنقوم بتبسيط متلازمة ٣١ ديسمبر بحيث نعرف هل هي أصلًا مبنية على دلائل وحجج، أو فقط العقل هو من يصور لنا هذه الحالة لوحده؟
تاريخ متلازمة ٣١ ديسمبر
حقيقة أردت أن أشاركك تاريخ ظهور هذه المتلازمة أول مرة، ومن اكتشفها وكيف تطورت. لكن للأسف هذه المعلومات حاليا غير متوفرة. فهل نقف ونتوقف هنا؟
لا أبدا!
سنسأل السؤال الجوهري؛ السؤال البطل؛ السؤال الذي يفك المتلازمة:
من أصلا ربط الأهداف بنهاية العام؟
لحظة؛ لحظة، لأكون صادقة! تعلمون أنني تحدثت كثيرا عن أهمية النوايا وتحقيقها. لهذا سأعيد صياغة السؤال السابق:
من أصلا ربط الأهداف وإطلاق أو تحقيق النوايا ببداية العام أو بنهاية العام؟
أكاد أجزم أنك إن كنت مطلعا ولو 10 في المئة على عالم التنمية أو الوعي الذاتي، ستكون سمعت؛ قرأت؛ أو حتى شاهدت شخصا يدعوك لإطلاق نيتك مع بداية العام الجديد. لهذا كان لابد لي من ذكرها كجزء من متلازمة ٣١ ديسمبر .
من ربط أهدافنا ونوايانا بتاريخ محدد؟ إذا عرفت هذا الشخص أخبرني وسأقدم لك هدية مذهلة!
ما هو التاريخ الأنسب لكتابة الأهداف وإطلاق النوايا؟
ركز معي في هذه القاعدة والتي ستختصر عليك الكثير من الوقت والطاقة والألم النفسي. و ستجعلك تعيد التفكير في مهرجانات التهويل والكآبة التي يدخلها معظمنا في نهاية كل عام.
إطلاق النوايا مرتبط بـ استعدادك وتحققها مرتبط باستحقاقك.
دعونا نأخذ هذه القاعدة واحدة واحدة…
1- إطلاق النوايا مرتبط باستعدادك.
ما الذي فهمته من هذه الجملة؟
فقط للإشارة، بإمكانك استبدال ‘إطلاق النوايا’ ب كتابة الأهداف.
ما هو الوقت المناسب لأقول فيه، هذه نيتي؟
ما هو الزمكان المناسب لأكتب فيه أهدافي؟
الجواب السريع والبسيط لا يوجد زمان ولا مكان محدد. بمعنى بإمكانك إطلاق نيتك و كتابة أهدافك في الوقت الذي تشاء، شهر ديسمبر؛ يناير؛ مارس…
لكن هنالك شرط. صحيح لا يوجد تاريخ محدد، لكن يوجد شرط ضروري وكبير وعظيم، ألا وهو الاستعداد. اللحظة التي ستطلق فيها نواياك وستكتب فيها أهدافك يجب أن تكون فيها مستعدا.
كيف تستعد لكتابة الأهداف؟
أهم نقطة هي الاستعداد المشاعري. أن تكون في مشاعر متوازنة، فرح؛ طمأنينة؛ بهجة… وأن لا تكون تشعر أنك تكتب هذه الأهداف الآن لأن الجميع يقوم بهذا! أو لأنك سمعت مدربا أو مدربة تتحدث عن هذا الأمر.
لماذا نقطة المشاعر مهمة؟
لأنك ببساطة تشحن أهدافك بمشاعرك. فإذا كنت ستكتب هدفك وأنت تحس بمشاعر سلبية، فبالتأكيد ستعاني وأنت تحقق هذا الهدف. نقطة المشاعر هذه تعيدني لأهمية التخلص من متلازمة ٣١ ديسمبر . كيف هذا؟
حالة الحزن والتهويل والنحيب بسبب نهاية العام وأهدافك التي لم تتحقق تدخلك في مشاعر منخفضة لفترة طويلة.
دعني أعطيك مثالا.
مثلا سلمى كان هدفها خلال 2021 هو شراء سيارة. لكن مع حلول شهر ديسمبر هي لم تحقق هدفها فحزنت وبدأت تلوم نفسها. كيف لم أستطع شراء السيارة التي أريدها؟ انظري لفلانة و سيارتها الرائعة، ولفلان كيف غير سيارته مرتين خلال عام واحد وأنت حتى سيارة واحدة لم تشتريها!
صحيح أن سلمى لم تحقق هدف السيارة، لكن مع مشاعرها هذه يصبح الوضع أسوأ.
طيب يا زهرة وإذا مشاعري حزن وغضب وانزعاج واحتجاج وأنا الآن وسط هذا الفيلم الهندي ومهرجان النحيب. ما النتيجة؟
القاعدة تقول:
الطاقة المنخفضة تجعل طريق التجلي يطول.
كل مشاعرك السلبية السابقة عبارة عن ذبذبات ضد هدفك. يعني ببساطة شديدة كلما طولت في مسلسلك الهندي كلما طول هدفك.
وكل هذا بسبب عقدة التواريخ التي زرعوها فيك!
التاريخ مسخر لك وليس العكس. لهذا التسخير في تحقيق الأهداف متواصل ومستمر على طول العام وفي أي وقت. هذا التسخير لا يتوقف يوم ٣١ ديسمبر، يعني بالعربي التسخير شغال شغال 24 ساعة/ 7 ايام!
لكن يا صديقي و يا صديقتي وهذا ما قد يكون صادما لك.
نيتك وهدفك ربما كانت قاب قوسين أو أدنى من التجلي، لكنك فتحت على الفيلم الهندي الذي لم ينتهي… وهنا شبكت على الطاقة المنخفضة، فهربت النية وهرب الهدف إلى يوم غير معلوم.
أريد أن أعود بك هنا إلى الجملة الثانية من القاعدة الرئيسية في مقالة اليوم.
2- تحقق النوايا مرتبط باستحقاقك.
فكرة أننا يجب أن نحقق أهدافنا مع نهاية العام غير منطقية. لماذا؟ لأن هناك أهدافا تتطلب عمل واستعداد على مراحل.
قد اضع أنا الآن ضمن أهدافي ل 2022 تأسيس مشروع. فهل هذا الهدف يتطلب فقط اختيار اسم المشروع والتوقيع على الأوراق؟ لا أبدا، هناك دراسة؛ تفكير؛ بحث؛ جمع معلومات؛ تجربة؛ فشل؛ تجربة ثانية… هذه المراحل قد لا تنتهي كلها قبل ٣١ ديسمبر.
أدعوك للتعمق في هذه الفكرة كثيرا. بحيث تجعل تحقق هدفك مرتبط بدرجة استعدادك فكريا ومشاعريا وماديا وروحيا، لكي تكتمل دائرة الاستحقاق.
كيف أتجاوز متلازمة ٣١ ديسمبر ؟
أو ببساطة ما هو المطلوب مني في نهاية العام؟
بكل حب و تقبل، اجلس في مكان هادئ، لا؛ لا! لن نقوم بتأمل. اجلس في مكان هادئ مع كوب شاي أو قهوة، ورقة و قلم و طبق ما يلي.
- قيّم نسبة الإنجاز في كل أهدافك لعام ٢٠٢١، كم حققت في كل هدف (٢٥٪، ٣٠٪، ٧٩٪…).
تتذكر سلمى؟ التي كان هدفها شراء سيارة؟
نفرض أن سلمى حسبت النسبة الخاصة بها ووجدت أنها حققت ٣٠٪ من هدفها.
الآن سلمى أمام خيارين:
الخيار الأول:
ستبقى في الفيلم الهندي، ياااااي يتبقى لي ٧٠٪ لأشتري السيارة.
إذا أنا خلال عام كاامل فقط أنجزت ٣٠٪ يعني تلزمني سنتين و٣ أشهر لأكمل ٧٠٪.
أكيد أنا لا أستحق السيارة لو كنت استحقها كنت حصلت عليها!
الخيار الثاني:
ااووه واااو أنجزت ٣٠٪ من الهدف و كنت قادرة على جمع هذا المبلغ! ما شاء الله أكيد سأكمل ٧٠٪ المتبقية.
الحمد لله أنهيت ثلث الطريق، جيدا جداا سلمى!
هنا في الخيار الثاني حين ينظر الشخص للنسبة التي حققها بتفائل. وكونها دلالة على أنه يمشي في الطريق الصحيح، فهنا لا يقوم بعرقلة نيته أو هدفه بحيث يجعل تجليه أطول وأعقد.
لماذا يقع الكثيرون في متلازمة ٣١ ديسمبر ؟
أعلم أنك قد تقول كان عليك يا زهرة كتابة الأسباب منذ البداية، صحيح رأيك. لكن من واقع تجربة، كلما تعمقت في نتيجة الشيء، كلما تجنبت أسبابه بنسبة أكبر. لهذا أنا سأشاركك أهم سبب يجعلنا نقع في متلازمة ٣١ ديسمبر ، ألا وهو التوقيت الصحيح للتخطيط.
انتبه جيدا أنا هنا كتبت التوقيت الصحيح للتخطيط، بمعنى أنك قد تكون تخطط لكن مع هذا تصاب بهذه المتلازمة.
سأشاركك الآن إحدى القواعد التي عملت على إضافتها بشكل تطبيقي في مذكرة قلب مطمئن وهي تتعلق بالتخطيط.
التخطيط الحقيقي هو تخطيط شهري وليس سنوي.
يعني انت حين تنتظر شهر يناير لتقوم بكتابة أهدافك، ثم تنتظر إلى غاية ديسمبر حتى تقوم بمراجعة ما الذي حققته. فأنت هنا ضيعت على نفسك 10 أشهر كان من الممكن أن تقوم خلالها بتجليات كبيرة.
عموما، ضعها قاعدة كما أسلفت الذكر، التاريخ و الزمان مسخر لك. وببساطة شديدة شهر ديسمبر أو دجنبر، – لأن قراء موقع حكمتي من دول عربية مختلفة فأنا أضيف بعض اللهجات مرة مرة ههه – هو أخ لشهر يناير وهو أخ لشهر أبريل ‘تذكر يوم ميلادي 😄 11 أبريل‘.
يعني ما تقوم به في شهر يناير وشهر ديسمبر عليك القيام به في كل شهر.
تعامل مع كل شهر كأنه سنة. حتى تستطيع معرفة ما الذي أنجزته؟ ما الذي تأخرت فيه؟ ما سيتغير و ما ستحافظ عليه؟
نفرض أن هدفك إنشاء مدونة، وكتبت هذا الهدف في بداية يناير. لكنك نسيته وسط أولوياتك الأخرى، ولم تتذكره إلا في نهاية ديسمبر حين قررت مراجعة أهدافك.
كيف سيكون إحساسك؟ بالتأكيد ستفتح على الفيلم الهندي لأنه لا مجال أمامك للتعديل… خلاااص العام انتهى! لكن لو أنك راجعت أهدافك في نهاية يناير، سيكون بإمكانك كتابة تذكير جديد بالهدف الذي لم تبدأ به. وهكذا ستعمل عليه خلال الشهر القادم.
التخطيط الشهري والمراجعة الشهرية التي عملت على إضافتها في مذكرة قلب مطمئن، هدفها تحقيق بناء تراكمي رائع ومريح في نفس الوقت.
اام هل تعلم شيئا؟ إذا اقتنعت بفكرة التخطيط الشهري تواصل معي لأقدم لك هدية جميلة. بحيث تستطيع في كل شهر كتابة الأهداف الخاصة به. كما يمكنك الحصول على مذكرة قلب مطمئن الالكترونية وتضمن لنفسك أنك لن تصاب بمتلازمة ٣١ ديسمبر .
لماذا كتبت هذه المقالة في شهر فبراير؟
قدمت لقاء حضوري في مدينتي أكادير حول هذا الموضوع في شهر ديسمبر الماضي. حيث علمت أنها ستكون اخر محاضرة احضرها في 2021. في لحظتها علمت أني سأشارك هذا الموضوع على مدونتي. لكني قررت خصوصا بعد إطلاق مذكرة خاصة بالتخطيط أني لن انساق للتواريخ.
لهذا جهزت المذكرة خلال شهر يناير، واعطيت لنفسي الوقت المناسب حتى لا أكون أنا أيضا ضمن ضغط متلازمة ٣١ ديسمبر .
أنت إنسان رائع وأهدافك ونواياك كثيرة وكلها جميلة وهي غالبا ما تكون ‘قاب قوسين أو أدنى’ من التحقق. لكن تغافلك عن أهمية مشاعرك و توازنك النفسي طوال سعيك، يجعل تجلي ما تريده يطووول.
ليكن هذا العام عام وفرة بحب 💚 ويسر.