حصاد التغيير: رفاهية الفكر
هناك احتمالية كبيرة لتكون هذه المقالة هي آخر مقالات سلسلة رحلة التغيير التي بدأتها معك على موقع حكمتي. ليس لأن موضوع اليوم والذي هو رفاهية الفكر هو آخر ما ستصل إليه في رحلتك، ولكنه سيكون المحطة التي ستتوقف عندها في كل تغيير ستعيشه.
من الصعب إحصاء نتائج التغيير التي من الممكن أن تحققها، لأنه لكل واحد منكم النتائج الخاصة بتجربته. لكن على الأقل من المتوقع أن تكون هناك نتيجة واحدة مشتركة بين الجميع ألا وهي رفاهية الفكر.
التغيير بين الزرع والحصاد
بذرة التغيير الأصلية التي ينتبه لها معظم الناس هي دوما مرتبطة بالفكر. تلك الفكرة الجديدة التي أثارت انتباهك فسعيت لتطويرها، أو تلك الفكرة القديمة التي تريد انتزاعها. في هذه اللحظة التي ركزت فيها انتباهك على فكرة ما، هي لحظة الزرع!
زرع التركيز والانتباه، أما النتيجة النهائية في أي حصاد لهذا الزرع فهو المستوى الأكمل لفكرتك، مستوى رفاهية الفكر.
لكن السؤال المهم هنا هو ماذا بين الزرع والحصاد؟
يغفل الكثيرون عن أهمية الدرب الذي سيسيرون فيه ليصلوا إلى مبتغاهم، مركزين فقط على النتيجة النهائية. ومع أن هذا لايمنع تحقيقهم لأهدافهم، ولكنه يعطل الكثير من الهدايا الممكن الحصول عليها خلال هذا الدرب.
حين يكون هدفك الحصول على الجسم المثالي والصحي، فإنك تبدأ هذا الدرب بفكرة أن الصحة مهمة أو فكرة كون الحصول على جسم مثالي هو شيء جميل ومثير. فتسعى إلى هذا التغيير بالوسائل المتاحة وتكون أبرز هذه الوسائل هي الرياضة والأكل الصحي.
- حين تزرع بذرة ما فأنت مطالب بسقيها حتى تحصل على ما تحصده.
وبالتالي أنت تقرر مشاهدة ومتابعة من يتحدث عن امتلاك الجسد المثالي، وقد تقرأ كتبا وتحضر دورات في هذا المجال فتتمكن من تحصيل معلومات تنمي تلك البذرة – الفكرة الأصلية – لديك.
ما هو الضمان للوصول إلى رفاهية الفكر؟
مع أن هذا الدرب، درب المتابعة والتتبع جيد ومفيد وسيوصلك حتما للتغيير الذي تريده وهو الجسد المثالي، لكنه لن يوصلك بالضرورة لحصاد التغيير أي لرفاهية الفكر.
أن تصل لرفاهية الفكر في موضوع الجسد المثالي هو أن تُقَلِّب هذا الموضوع من كل زواياه ومعتقداته وأفكاره.
الأمر ليس أن تصبح معلما أو مرشدا في كل ما يخص الجسد، ولكن على سبيل المثال سينتقل هدفك من الجسد المثالي إلى الصحة المثالية وبالتالي إلى الحياة المثالية.
ما الذي يعنيه الجسد المثالي؟
هل هو فقط الجسم المتناسق الذي يظهر في حلة جميلة؟ إذا كان الأمر هكذا بالنسبة لك، ففكرتك الأصلية ستتوقف على كونها بذرة ولن تنتقل لمستوى الرفاهية.
ولكن إن وصل بك الدرب للتساؤل: هل الغذاء الذي أقدمه لهذا الجسد هو نفسه ما يتغذى به الفكر لدي؟
إن الانتقال من المستوى A إلى المستوى B في طريقة تفكيرك بهدفك هو الضمان لرفاهية الفكر.
الموضوع لا يتعلق فقط بهدف الصحة والوزن، وإنما بكل الاهداف التي تعترض طريقنا.
رفاهية الفكر في العلاقات
أعلم أن نسبة كبيرة من زوار موقع حكمتي من النساء، وموضوع العلاقات والزواج هو موضوع أساسي وكبير لهن خلال رحلة التغيير.
فوجود هدف الزواج أو الحصول على علاقات ناجحة أمر بديهي لدى الجميع. فبذرة هذا التغيير غالبا ما تكون الرغبة في مشاركة الحياة مع أفراد مناسبين. فنبدأ بالقراءة والإطلاع وممارسة التأملات وقد تسيطر علينا فكرة جذب شريك الحياة المناسب.
لكن هذا الدرب درب قصير، لأن نهايته هي الالتقاء بالشريك أو بناء العلاقات الجيدة. أما الدرب الطويل الذي سيجعل بذرة هذه الفكرة تنمو وتصل لمرحلة الحصاد هو التوسع من مجرد تواجد علاقات جيدة في حياتك، لمستوى التساؤل:
- ما مدى مساعدة هذه العلاقات لي في التطور؟
- هل شريك الحياة هذا هو بوابة للاتساع أو صندوق ضيق؟
- هل الفكرة التي أحملها الآن عن الزواج مناسبة لبناء زيجة عظيمة؟
انتبه جيدا إن عدم الاستعداد للزواج هو استعداد للطلاق
رفاهية الفكر في العلاقات تجعلك تنقل هذه العلاقات من المستوى المادي البسيط إلى مستويات أعمق، ستدحرج فكرة الارتباط وبناء العلاقات يمنة ويسرة وتخرج كل البرمجيات المتعلقة بها بداخلك بعيدا عن كل ما تعلمته أو سمعته. لتصبح أنت صاحب الفكر الأول الخاص بهذه العلاقات التي تطمح لها.
ما هي رفاهية الفكر ؟
أنت تقرأ وتتعلم وتبحث وتشاهد وتجرب فكرة ما، فتمتلك بذلك وعيا بها. لكن في اللحظة التي تقرر فيها الغوص في هذه الفكرة داخل أعماقك ستقوم بجرد كل المعتقدات والكلاكيع المتأصلة في ذاتك حولها. وبالتالي ستصل إلى مستوى وعي نقي بهذه الفكرة.
هذا الوعي النقي سيدفعك إلى إنتاج الفكر الخاص بك عن هذا التغيير الذي تسعى إليه وهذه هي الرفاهية الفكرية.
عندما تكون ملهما بهدف عظيم وبعض المشاريع غير العادية تكسر جميع أفكارك حواجزها ويتجاوز تفكيرك الحدود وتعيد وعيك في كل اتجاه وتجد نفسك في عالم جديد عظيم ورائع.
يوضح الرجل الحكيم باتانجالي في حكمته كيف أن الهدف العظيم يجعل أفكارك تكسر حواجزها، ويتجاوز معه تفكيرك كل الحدود الممكن استيعابها. ولتلخيص فكرته فهو يتحدث عن رفاهية الفكر التي ستصل إليها مع كل هدف عظيم تسعى إليه.
كيف أجد هدفا عظيما؟
هذا هو السؤال الأبرز في هذه اللحظة. وإن كنت اطلعت على مقالاتي حول وضع النية، ستتذكر كيف ربطت بين الأهداف والقيم. لكنك اليوم لست مدعوا لتغيير أهدافك أو الشعور بالقلق و جلد الذات، لأن ما تسعى إليه ليس عظيما سواء في نظرك أو نظر الآخرين.
ولكنك مدعو كما ذكرت سابقا لتقليب فكرة هدفك من جميع الزوايا والغوص في أعماقها حتى تجعل منه هدفا عظيما، وبالتالي هو سيمنحك كمقابل تلك الرفاهية الفكرية التي ستعيش بها حصاد التغيير!
في ختام هذا المقال إليك حكمتي
إن الوصول لرفاهية الفكر ليس بحد ذاته تطويرا للفكرة التي لديك، وإنما هي استعداد للانتقال لمستويات أخرى جديدة من الرفاهية: رفاهية المشاعر، رفاهية الروح…
فهل أنت مستعد؟
انتظر رأيك حول المقالة صديقي 💚