التغيير: ما هو أول أسباب الفشل في التغيير؟

لو قمت ببحث سريع على جوجل حول أكثر الكلمات بحثا في الأعوام الأخيرة ستجد كلمة التغيير بينهم. فهل هذه الكلمة مهمة لهذه الدرجة؟

بالنسبة لمحركات البحث ممكن لا، لكن بالنسبة لبعض الأشخاص نعم.
اليوم كتاباتي ستكون لك أنت الذي يبحث عن كلمة التغيير سواء على جوجل أو غيره. لكني لن أكتب لك لأركب على موجة هذا المصطلح الدائع الصيت حاليا و التي تطالب الجميع بالتغيير. و إنما سأمشي معك خطوة بخطوة حتى نتأكد أن هذا التغيير هو فعلا ما تريده.
فكم من شخص غيَّر شيئا ثم ندم عليه، لا أريدك أن تقع في الفخ و تعيش الفشل في التغيير و لهذا أنت هنا!

إن كان هناك شيء ثابت في الحياة فهو التغيير.

قاعدة عامة

 

نعم، هذه هي القاعدة المتعارف عليها و ربما كانت منها انطلاقة كل الدروس و الدورات التي تدعوك للتغيير، بحسن نية طبعا!

قصتي مع الفشل في التغيير

لأبدأ بقصتي مع الفشل في التغيير. كمعظم الأشخاص على هذا الكوكب مررت بمرحلة جهلت فيها يميني عن يساري، و ارتبكت فيها مسارات حياتي بشكل قد لا يبدو بارزا من الخارج لكني من الداخل كنت أتسائل إلى متى هذه الدوامة؟!
انتبه جيدا معظم الناس إن لم يكن كلهم سيعيش هذه المرحلة، و هي ما يسمى الصحوة الروحية أو الليلة المظلمة للروح. –
نتحدث عن هذا لاحقا.

قد لا أتذكر نقطة البداية بالتفصيل و كيف كانت. إلا أني كنت أقضي معظم الوقت أمام الحاسوب والهاتف – تلك الفترة كنت عاطلة عن العمل – أشاهد كل المسلسلات المتاحة مجانا نهارا و ليلا.
و في لحظة ما و لأني كنت أحب مشاهدة كيف يعيش الناس حياتهم بدأت بالبحث باللغة الانجليزية، فقط لأستمتع برؤية تلك الحياة الوردية من خلف الشاشة!

مع إمضائي غالبية الوقت على اليوتيوب بدأت تظهر فيديوهات بعناوين مثل:

  • كيف تعيش حياة مثل…؟
  • اتبع هذه الخطوات لتغيير حياتك وتصبح…
  • هذا هو سر تغيير حياتك و تصل إلى…

وغيرها عشرات من العناوين المثيرة و لأني كنت متفرغة و فارغة تماما ذهلت لمعرفة أن بإمكان أي شخص تغيير حياته و الوصول إلى الحياة التي يعيشها الآخرون.
ولو عدت لأحصي لك عدد الفيديوهات التي شاهدتها فهو سيتجاوز 100 فيديو. لكني هل رأيت نتيجة ما؟ على الواقع لا، نتعمق لاحقا.

أنت تعلم من يدخل بوابة اليوتيوب فحتما ستُفتح أمامه بوابات أخرى وهذا ما حصل معي. دخلت إلى عالم ما يسمى التنمية البشرية و التي شعارها: التغيير.
و من تلك الفيديوهات قررت أني سأتغير، لم يكن لأجلي بل لأشياء أخرى و هذا ما جعل رحلة التغيير صعبة نوعا ما.
هل اكتفيت من يوتيوب؟ لا، بل زدت من وثيرة ما أشاهده و انتقلت بين:

أكثر مواضيع التنمية البشرية أهمية

دوامة أخرى دخلتها!

تعلم أربعة خطوات تخطيط الأهداف لعام 2021 بيُسر

كانت أول خطوة لي بعيدا عن اليوتيوب هي حضور دورة مباشرة – علمت بها من اليوتيوب طبعا -.
لن أخبركم الآن عنوان هذه الدورة لأنها فعلا كانت مثالا على المثل المغربي “من الحمارة للطيارة ههه”.

لكني لأكون صريحة معك، ما جعلني أشارك في تلك الدورة و التي كانت في مدينة غير مدينتي، و هذه كانت أول مرة أسافر لوحدي مع أشخاص لا أعرفهم كان
محورا واحدا من الدورة و هو: كيف تحقق أهدافك بسهولة؟

السؤال: هل حققت أهدافي بعد تلك الدورة؟
الإجابة: لا.
السؤال: ماذا فعلت بعدها؟
الإجابة: شاركت في دورة أخرى لنفس السبب.
السؤال: ما النتيجة؟
الاجابة: لاشيء – في تلك اللحظة – أنفقت مالي ووقتي فقط!
السؤال: بعدها؟
الاجابة: عدت إلى اليوتيوب لأتابع المزيد من مدربي التنمية البشرية

لماذا تدخل في دوامة الدورات التدريبية ومتابعة المدربين؟

في كل مرة تشاهد فيها فيديو أو تحضر دورة تدريبية تتذكر الأشياء التي تريد تغييرها في حياتك، و رغبتك باستبدالها بالأفضل. فتتحفز و تصر على التغيير الذي يخبرونك به، و الذي غالبا ما يكون تغييرا صعبا و طويلا. مع هذا تتحفز وتنطلق، لكن هذه الانطلاقة لم تستمع فيها لصافرة الحكم فتضطر لإعادة الانطلاق من جديد في كل مرة!

  • قد تكون تريد بدء مشروعك.
  • إنجاح علاقة شخصية.
  • انقاص الوزن.
  • الحصول على وظيفة.
  • تعلم لغة.
  • اكتساب مهارة…

أيا كان الهدف الذي تريد تحقيقه فهو غالبا ما يجعلك تبدأ رحلة التغيير، لكن رغم كل محاولاتك إلى الآن لم تصل إلى الهدف المنشود بنسبة %100

قبل البدء في الحديث عن كيفية البدء في التغيير، لابد من إيضاح أسباب فشل التغيير و ما يعرقل رحلتك نحو الهدف.

3 أسباب رئيسية في الفشل في التغيير

  1. جهلك لمفهوم التغيير الحقيقي.
  2. ظنك أن كل ما تسمعه حق.
  3.  انخداعك بمفهوم القدوة.

1- جهلك لمفهوم التغيير الحقيقي

أعلم أن رغبتك الكبيرة والملحة في تحقيق أهدافك جعلتك ربما تقرأ الكتب بنهم، و تشاهد الفيديوهات التحفيزية أو حتى تحضر الدورات بشكل متواصل كما فعلت أنا. لكن للأسف قد تكون إلى الآن رغم تحقيقك لتحسن نوعي في أحد جوانب حياتك إلا أن تلك الشعلة بداخلك لم تجد لها السبيل لإنارتها. لماذا هذا؟

لأن ذلك التغيير الذي قرأت أو سمعت عنه لم تمنحه بدايته. يعني ايييش؟!
يعني في كل ما قد تكون تعلمته ستكون غايته إيصالك لهدفك بطريقة مباشرة.
مثلا، إذا كان هدفك الحرية المالية ستكون سمعت عن اقتراحات مثل:

  • بدء مشروعك الخاص.
  • تنويع مصادر دخلك.
  • أخذ شهادة جديدة.

ومع أنك ألهمت الكثير من الأفكار خلال تعلمك المباشر هذا، إلا أن إسقاط هذه النتائج على الواقع لم يكن سهلا.
مع أنك قد تعتبر نفسك في طريق تغيير حياتك للأفضل و هذا فعلا صحيح، لكن ليس بسلك الطريق المباشر للهدف بل بالطرق الغير مباشرة. لا أريد أن أقول الملتوية ولكنها الطرق التي تبدأ من الداخل ثم الخارج وليس العكس.

  • التغيير الحقيقي هو البحث عن جذر التغيير ذاته!

مثلا لنعد لمثالنا السابق، أنت تريد الحرية المالية أو الحصول على المال و تسمع أن تنويع مصادر دخلك هو الذي سيوصلك لهدفك و بذلك تتغير حياتك.
تقرأ المزيد من الكتب و تشاهد المزيد من البرامج عن مختلف مصادر الدخل التي بإمكانك البدء فيها و فعلا تحاول مرة و مرتين ثم تتوقف.
لماذا؟ لأنك انطلقت بسرعة طائرة ايرباص 320!

لنتكلم بشكل عملي يا زهرة.
  • الجواب المختصر لمفهوم التغيير الحقيقي هو: معرفة نقطة البداية.
  • لماذا أنا أريد الحصول على المال؟
  • هل لأني أحب المال؟ أم أريد العيش في أمان؟
  • هل لأني خائف من الفقر؟ أم لأني أريد أن أظهر بمكانة راقية؟
  • ربما لأن عائلتي تعاني ماديا وأنا أريد مساعدتها؟

كيفما كانت إجابتك عن سؤال لماذا تريد هذا الهدف تحديدا، امسك ورقة و قلم و ابدأ الكتابة حتى تنتهي الأفكار – أشك في هذا – و كلما كتبت كلما وصلت إلى جذر المسألة.

مثلا، نعتبر أنك أجبت أريد الحرية المالية لأني أخاف من الفقر، أو لا أريد أن أعيش في مستوى مادي يتطلب مني التساؤل دوما إن كنت أملك المال الكافي!

هنا مثلا التغيير الحقيقي الذي يفترض أن تقوم به ليس نحو الحصول على المال، و إنما السعي نحو تغيير غاية هذا الهدف وهي الخوف في مثالنا اليوم.
انتبه جيدا أغلبيتنا في البداية يكون سعيه بعيدا عن (الخوف، المرض، الفقر..)، بدل أن يكون السعي نحو (الشجاعة، الصحة، الغنى…).

في هذه اللحظة سيكون جذر التغيير الحقيقي هو إزالة هذا الخوف. لماذا؟ لأنه سيعرقلك طيلة مسارك نحو هدفك.

ما هو الخوف؟ و كيف أغيره؟

قد لا أدخل في تفاصيل الخوف اليوم، لكني أريد أن أوصل لك فكرة معينة ستستطيع بذلك أسقاطها على جميع أهدافك و تكتشف بذلك جذر التغيير الحقيقي و هو:

  • أي تغيير كيفما كان لابد أن يبدأ على المستوى المشاعري ثم المستوى المادي للهدف.

انتبه جيدا إن كنت تتسائل عن أسباب التسويف و المماطلة لديك قد يكون الخوف أحدها -.

لكي تتعمق هذه الفكرة بداخلك و تفهم السبب الأول لعدم اكتمال رحلة التغيير الحقيقي لديك. سأتوقف هنا و أكمل السببين التاليين في المقالة القادمة بإذن الله.

أنتظر رأيك بكل حب 💚

هذا رأيي، والرأي ظنّ، و الظن لا يُغني من الحق شيئا. أنت ابحث و تبَيَّنِ الحق.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

3 تعليقات
  1. […] على الأسباب الثلاثة الرئيسية التي تمنع معظمنا من الاستمرار في التغيير. لأن معرفة السبب تجعل تحقق الغاية سهلا […]

  2. […] ما تحدثت معك في المقالة الأولى حول أول أسباب الفشل في التغيير وكان هو عدم معرفة المفهوم الحقيقي للتغيير. والذي يبدأ […]

  3. […] لتكن غايتك ليست أن تصبح عالما بحد ذاته، وإنما أن تعيش بقيمة العلم كقيمة انسانية تتطور بك وتطور بها […]

شاركني رأيك

%d مدونون معجبون بهذه: