شفرة التغيير: المشاعر

بعد أن شاركتك أسرع ثلاث طرق للتغيير والتي بإمكانك تطبيقها من اليوم. كان لابد لي من الحديث عن موضوع هام جدا لا يمكنك أن تستمر في رحلة تغييرك هذه نحو حياة أفضل بدونه. ألا وهو المشاعر !

أعلم أني قد تحدثت كثيرا عن تغيير الأفكار باعتباري مهتمة بالكتب. خصوصا كتب التنمية البشرية والتي شعارها الأول: غير أفكارك.

لكني اليوم أريد أن أغوص معك وأنت على مقربة من محطات التغيير الأخيرة في عمق داخلي جديد بكل يسر وسهولة.

تعلم ثلاثة من أسرع طرق التغيير في العالم

كيف أتدرج معك في رحلة التغيير؟

قبل أن أشاركك آخر مقالاتي في سلسلة التغيير الأسبوع الماضي والتي تعلمت فيها كيف تختار الطريق اليسير نحو التغيير، كنت أعلم أن المقالة القادمة -التي تقرأها الآن- سأكلمك فيها عن شفرة التغيير.

لكن الفكرة الأولى لدي لم تكن عن المشاعر بل كتبت عنوان شفرة التغيير: العادات. حتى أني وضعت فكرة القيام ببث مباشر مع إحدى الشخصيات المهتمة بمجال العادات، لكي يحدثنا عن هذا الموضوع بالتفصيل.
لكن اليوم صباحا كنت أشاهد إحدى الدورات اونلاين، وقد قال المدرب وهو شخصية معروفة عالميا ويمتلك واحدة من أكبر منصات التدريب على مستوى العالم، أنه لا يقوم بنشر أي دورة فقط لأنها ستباع، ولكن يقوم بنشر الدورات التي يريد هو وفريقه تعلمها.
في هذه اللحظة جائتني فكرة اختيار المشاعر كشفرة للتغيير بدل العادات!

هل العادات أقل قيمة من المشاعر ؟

لا. بالتأكيد لا، لكن على مستوى الأهمية في رحلة التغيير نحو الأفضل وبالأخص بهذا التدرج الذي أشاركك إياه، نعم قد تكون أكثر أهمية.

انتبه جيدا قد تمتلك مشاعر جيدة بدون عادات منتظمة لكن مستحيل أن تمتلك عادات بدون مشاعر جيدة. –
الغالبية من الناس إلى الآن لا يستطيعون المواظبة على العادات الإيجابية التي يريدونها بشكل يومي، لأن مشاعرهم غير مستقرة.

مثلا أنت قررت البدء بعادة المطالعة اليومية وتحمست لهذا الأمر. خلال الأسبوع الأول والثاني ثم الثالث، لكن في الأسبوع الرابع واجهتك مشاكل عائلية جعلتك مهموما و قلقا.
فطيلة اليوم أنت تفكر في المشكل، ولما حان موعد القراءة اليومية قلت في نفسك: وهل مثلي من يجلس ويطالع الكتاب؟ كيف سأركز فيما اقرأه وبالي مشغول؟
وحتى لو تحاملت على نفسك وحملت الكتاب لم تستوعب منه شيئا!

أساس الاستمرار في العادات الجيدة هو المشاعر الجيدة

يسألني البعض من معارفي لما لا تتحدثين عن الطاقة وكيف نستخدمها، على موقع حكمتي؟ ويكون جوابي دوما أن الطاقة هي: قطفة الوعي.

لكي تبدأ بالجري لابد أن تتعلم المشي، وقبلها أن تحبو وقبلها أن تحرك رجليك ويديك وقبلها… وقبلها… وقبلها أن تولد!

لكي تصل إلى شيء ما لابد أن تمر عبر مراحل كثيرة، خاصة في رحلة الوعي هذه التي أسعى إليها أنا وأنت على حكمتي.

لا أريد أن أكتب فقط لأبدو عارفة أو عالمة بموضوع ما، ولكن أريد أن أعيش معك التجربة منذ البداية.
لهذا إن لاحظت حتى في سلسلة التغيير هذه بدأتها بأسباب الفشل في التغيير، حتى تكتشف جذور المشكل منذ البداية و أن لا تتأخر في رحلتك وصولا إلى أسرع وسائل التغيير.

المشاعر في معادلة الحياة

فكرة —> شعور —> نتيجة

لا أعلم إن كنت قرأت هذه المعادلة في مكان ما بهذه الطريقة أو بشكل آخر. لكني سأعيد صياغتها بشكل تفهم فيه لماذا اخترت المشاعر كشفرة للتغيير.

هذه المعادلة تتكون من ثلاث ركائز أساسية
انتبه جيدا ما بين الشعور والنتيجة ركيزة مهمة جدا أتحدث عنها لاحقا. –

الفكرة: أول ركيزة، كل شيء تراه بعينيك أمامك الآن بدايته كانت فكرة.
الشعور: ثاني ركيزة، كل فكرة تم إنتاجها عقليا فهي تحمل شعور يعكس هذه الفكرة داخليا.
النتيجة: ثالث ركيزة وهي التجلي المادي أي في عالمك الخارجي للفكرة العقلية والشعور الداخلي.

أنت تمتلك القدرة على التحكم في أفكارك أو بالأصح في اتجاه أفكارك حتى قبل أن تصل هذه الأفكار لعقلك.
أما المشاعر فكيفما جائتك الفكرة ستحس بشعورها ولن تستطيع تغييره، إلا بعدما عشت عكسه. سأوضح لاحقا.
لكن النتائج فأنت لا تملك حرية التحكم فيها، لأنها حتمية الحدوث على حسب الأفكار والمشاعر التي يتم ارسالها.

مثلا
أنت تعيش فترة من الضغوط على مستوى عملك، تعمل لساعات إضافية لتسرع من تقديم المشروع النهائي. لكنك تفكر في أن الوقت غير كافي. هذه الفكرة ولدت لديك شعورا بالقلق والتوتر طيلة فترة الإعداد. ولأن هذه المشاعر استمرت لديك فترة طويلة فالنتيجة كانت تأخرك عن موعد تقديم المشروع!

من جهة أخرى، سنمشي على نفس المثال حتى يكون الفهم ميسرا.

أنت تعيش فترة من الضغوط على مستوى عملك، تعمل لساعات إضافية لتسرع من تقديم المشروع النهائي. فتفكر في أن هذه الفرصة جيدة لك لتظهر امكانياتك ومهاراتك.
لكن لأن المدة الزمنية تبدو قصيرة، تفكر في طلب المساعدة من زميلك في العمل. -لاحظ هنا كيف تم توجيه الفكرة من المنحى السلبي للضغوطات وقلة الوقت إلى آخر إيجابي-. هذه الأفكار ولدت لديك شعورا بالحماس والانطلاق، ولأن هذه المشاعر استمرت مدة طويلة، النتيجة كانت نجاحك في تسليم المشروع في وقته!

 كيف تدور الأفكار والمشاعر والنتائج كالعجلة؟

لأشرح لك آخر نقطة من الفقرة السابقة حيث أخبرتك أنك بإمكانك التحكم في اتجاه الأفكار، ولكن مشاعرك لن تتحكم فيها إلا بعيش نقيضها.

على سبيل المثال:

أنت لا تستطيع أن تتحكم في مشاعرك بأن تعيش شعور الراحة إلا وأنت تعيش حاليا شعور التوتر والقلق. لأنك ما علمت أساسا برغبتك في شعور الراحة إلا بإحساسك بالتوتر!

السر في التحكم في المشاعر هو اختيار المشاعر

  • في اللحظة التي تختار فيها ما هي المشاعر التي تريد العيش بها، ستستطيع بذلك أن تمتلك القدرة على التحكم فيها.

لا يختلف اثنان أن معظمنا يعيش حياته غالبا بين 3 الى 5 مشاعر رئيسية. هذا لأن فكرة اختيار المشاعر لم تطرح على الطاولة من قبل.
لاطالما سمعت مثلا عن شعور الحب وأن نقيضه هو الكره. بمعنى فلان أحب فلانة لكن بعد فترة أصبح فلان يكره فلانة!
الصادم هنا أن ما بين الحب والكره توجد مشاعر كثيرة وكثيرة جدا، فإن لم تحب شخصا هذا لا يعني أن تكرهه.

انتبه جيدا لا يوجد شيء اسمه إما أن تحبني أو تكرهني. –

ما علاقة معادلة الحياة برحلة التغيير؟

بالعودة إلى المعادلة السابقة سنعتبر النتيجة هي التغيير الذي تريد احداثه، والفكرة هي كيف ستحدث هذا التغيير. لكن الشعور وهو أهم شيء في مقالنا اليوم، ليس هو الشعور الذي ستحسه بعد احداث التغيير، وإنما هو الشعور الذي تعيش به أثناء الرحلة وهنا يسقط الكثير في الفخ!

مثلا

  • النتيجة التي تريدها: جسد صحي.
  • الفكرة التي ستطبقها: الأكل الصحي.
  • الشعور الذي تريده: حب الذات.

الشفرة هنا أو الكود في رحلة التغيير هذه نحو الجسد الصحي، ليست هي انتظار حصولك على الصحة حتى تعيش شعور حب الذات، وإنما أن تعيش حب الذات منذ أول خطوة في التغيير إلى آخر خطوة حيث ستحقق النتيجة المرجوة.

هل استوعبت الآن درجة أهمية اختيار الشعور حتى تستطيع عيشه منذ البداية؟

السر هنا في اختيار المشاعر كشفرة أنها غير قابلة للتكذيب.

حين تُحدث شخصا عن أي موضوع فكلامه يحتمل الصواب و الخطأ، يعني قد يحمل بعضا من الكذب. وبالتالي أفكاره أيضا قد تكون كاذبة، يعني إن قال لك أنه يحمل أفكارا إيجابية حول علاقتكما أو حول مستقبل العمل بينكم قد يكون صادقا وقد يكون كاذبا.

ولكن المشاعر لا يمكن أن تكذب أبدا أبدا. إن كنت تشعر بالخوف فحتى لو قلت عكس هذا فشعورك الداخلي سيكون الخوف دوما. والعكس إن كنت سعيدا وتحاول أن تظهر أنك تعيس فلا يمكنك تكذيب مشاعرك حتى لو غيرت ملامح وجهك!

انتبه جيدا في المستوى المتقدم على حكمتي سنتحدث بما هو أعمق من المشاعر وسيكون ترمومتر حياتك. –

هل يفترض أن أعيش شعورا إيجابيا طيلة رحلة التغيير؟

الجواب المختصر المفيد: لا. لا يفترض هذا، بالنهاية نحن إنسان نمتلك مشاعر مختلفة. وجزء من اختبارنا على الأرض أن نمر على مختلف أنواع المشاعر الممكنة: حزن؛ فرح؛ سعادة؛ تعاسة؛ قلق؛ أمان…

  • مفتاح النجاح في لعبة المشاعر هو المشاعر المنضبطة!

أنا لا أطلب منك أن تكون متحمسا %100 وأنت في مسار تحقيق هدف ما. أو أن تشعر بالأمان %100 وأنت على بوابة تجربة شيء جديد.

ولكن أنا أطلب منك أن لا تكون كأمواج البحر وتعيش مشاعر ملخبطة؛ مرة فوق ومرة تحت، فقط امتلك شعورا منضبطا.

يعني مثلا قد تكون 5 أيام في الأسبوع تعيش شعور الأمان ويومين شعرت فيهم بالخوف… هذا فقط مثال نظري وليس تطبيقي ههه.

العقل أو القلب؟ تعرف على المشاعر التي تجعلك تحيا

ما هي المشاعر الملخبطة؟

مثال
واحدة تريد الزواج وتشعر بالطمأنينة تجاه زوجها المستقبلي، ولكنها خائفة من أم الزوج ولا تعرفها جيدا.
في نفس الوقت هي متحمسة لبناء أسرة وانجاب أطفال، لكنها أيضا متعلقة ببيت أهلها ولا تريد مفارقة أمها.

لاحظت هنا تذبذب مشاعر هذه الفتاة؟
ما بين الطمأنينة والخوف، الحماس والتعلق!

واجبك لهذا اليوم
  1. اكتب التغيير الذي تريد احداثه وسط ورقة بيضاء وقم بإنشاء أسهم متفرقة.
  2. كل سهم عبر فيه عن الشعور الذي تملكه تجاه هذا التغيير.
  3. بعد انتهائك من كتابة المشاعر ارسم جدولا. الخانة الأولى للمشاعر السلبية والثانية للمشاعر الإيجابية.
  4. قم بكتابة عكس المشاعر السلبية التي استخرجتها في خانة المشاعر الإيجابية.
    مثلا كتبت: القلق؛ الخوف؛ الاضطراب؛ الشك…
    ستكتب الآن عكسها وهو بالتتابع: الراحة؛ الأمان؛ الانضباط؛ اليقين…
  • المشاعر الإيجابية التي كتبتها الآن هي المشاعر التي ستختارها لتكون شفرة التغيير الخاصة بك. فاحرص على أن تكون مشاعرك تتمحور حولها!

إليك حكمتي

في أول مرة علمت فيها عن المشاعر المنضبطة بكيت كثيرا، لأني قمت بهذا الأمر على شكل تمرين تأملي لأكثر من 20 دقيقة.
حيث اكتشفت أن مع جدية سعيي الخارجي إلا أن الداخل كان يقول شيئا آخر.

أنا بالتأكيد لا أريدك أن تبكي ولهذا ربما قررت أن أكتب عن هذا الموضوع بدل القيام بتأمل، لكن فقط استمر على التمرين الكتابي الذي شاركته معك.
ستستخرج من خلاله كل المشاعر الملخبطة بداخلك وستختار بهذا أن تعيش عكسها، وهي المشاعر المنضبطة.
وتذكر أن الكون لا يتعامل معك وفق النتائج لأنها أصلا واضحة، ولكنه يتعامل معك بالمشاعر و الأصح ب (…) أكمل لاحقا!

أنتظر رأيك بكل حب 💚

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

9 تعليقات
  1. حفيظة يقول

    كلام على صواب و حكيم شكرا لك ❤️

    1. Zahra يقول

      الشكر لك عزيزتي حفيظة, كل النفع يارب

  2. حكيم يقول

    أسلوب رائع أحببته والله ماشاء الله عليك أختي زهراء
    صحيح ما قال لك البعض لماذا لا تتحدثين على الطاقات 5 او واحدة منها التي لها علاقة بالتغيير وهي الطاقة الفكرية

    1. Zahra يقول

      شكرا لك أخي حكيم. بالنفع إن شاء الله.
      حقيقة أريد أن أتدرج في نوعية المحتوى على حكمتي خطوة بخطوة لكن اقتراحك جيد وسأربطه بإحدى المقالات القادمة إن شاء الله
      شكرا على دعمك مرة اخرى 🥰

  3. حكيم يقول

    الفضل والشكر يعود لك أختي بصراحة استمتع بالقراءة وصدق من قال المعرفة من أهم أسباب السعادة أجعل الكتاب صديقك الدائم.مسيرة موفقة أختي

    1. Zahra يقول

      شكرا اخي حكيم سعيدة باستمتاعك واستفادتك من المقالة 💚

  4. […] كتبت مقالة عن أهمية المشاعر المتوازنة في إحداث تغيير إيجابي في حياتك، و كيف أن وجود مشاعر ملخبطة و غير منتظمة هو […]

  5. […] تنظيف مشاعرك من كل شعور سلبي سيجعل تجربتك الأرضية ناجحة. […]

  6. […] معي ذلك اليقين والتصالح النفسي عند الطائر، لا يعيش تناقضات داخلية و راضٍ تمام الرضا […]

شاركني رأيك

%d مدونون معجبون بهذه: