ثالث أسباب الفشل في التغيير: انخداعك بمفهوم القدوة

بلا شك وأنت طفل صغير أو شاب مراهق، أو حتى لما بدأت مسيرتك المهنية طرح عليك سؤال: من قدوتك؟
وأنت طفل كانت إجابتك لا تتعدى والدك أو والدتك.
أما في المراهقة فبالتأكيد كان قدوتك أحد المشاهير الذي داع صيته في تلك الفترة.

لكن حين بدأت مسيرتك المهنية أو وصلت لمستويات عالية من الدراسة، انتقلت إجابة السؤال من مجرد إجابة مباشرة سطحية إلى أن تكون أكثر عمقا لأنك بدأت تجد في محيطك اختيارات كثيرة لمن يصبح مثالا أعلى لك.

قد تستغرب وأنت تقرأ هذه المقالة كيف يكون اختيارك للقدوة هو ثالث أسباب الفشل في التغيير!

لنتفق منذ البداية أن الحديث ليس عن الاختيار، وإنما المفهوم. فلأني لا أعلم بالضبط الحالة التي أنت عليها، سيصعب علي أن اقترح عليك من تختار.
لكن أينما كنت في هذا العالم الجميل فمفهوم القدوة هو واحد. وأنا وأنت اليوم لن نكمل قراءة هذه المقالة إلا وقد تبين لنا هذا المفهوم بيسر.

تعرف على ما هو ثاني أسباب الفشل في تغيير حياتك؟

لماذا أحتاج إلى قدوة ؟

لأنك الآن في رحلة تغيير، لابد أن تكون مواظبا على إحدى هذه الأشياء:

والغاية لديك هي الانتقال من الحالة التي أنت عليها الآن إلى الحالة التي تريد أن تكون عليها. وهذا لن يتم إلا بسعي نفسي وجسدي.
انتبه جيدا في كل رحلة تغيير لابد أن يكون السعي النفسي أكثر من الجسدي. –

أزعم ومن تجربتي أنك حين تشاهد أحد الفيديوهات لشخصية ما و يعجبك محتوى هذا الفيديو تبدأ مباشرة بالبحث عن الفيديوهات الأخرى لهذه الشخصية، حتى لو كانت بعيدة عن الموضوع الذي تبحث عنه. فتنتقل من فيديو إلى آخر. ثم تدخل إلى حساباته في السوشل ميديا، فتتعلق به أكثر لماذا؟
لأنه يعيش الحالة التي تريد أنت الوصول إليها!
تقول في ذهنك لكي أصل إلى هذه المرحلة لابد أن أتبع ما يقوله هذا الشخص وأقوم بما يقوم به.

مثلا:

أنت تريدين أن تنقصي من وزنك، فتبحثين على اليوتيوب عن طرق إضعاف الوزن. تجدين إحدى المدربات أو الطبيبات أو أيا كان.
تستمعين إليها، يعجبك كلامها وتدخلين حسابها على الانستغرام. ترين حياتها نسخة من الحياة التي تريدينها، فتقولين: وجدتها! هذه هي الإنسانة التي أحتاجها للحصول على الجسد الذي أريده!

أنت الآن تريد الزواج فتبحث عن كيفية اختيار (الشريك).
انتبه جيدا شريك الحياة هو مرحلة متقدمة تأتي بعد الزواج وليس قبلها. –

تحضر دورة أو تقرأ كتابا أو تشاهد فيديو للنصائح التي يجب أن تتبعها. قد تكون شاهدت محتوى لكوتش أو مختص في العلاقات، أو قد تكون رأيت فيديو لأحد اليوتيوبرز يحكي عن قصة زواجه وكيف التقى بالطرف الآخر.
لتعجبك قصته وتنظر إلى حسابه فتزداد إعجابا وتقول: هذا ما أحتاجه بالضبط لأعثر على زوجة / زوج أعيش معه نفس هذه الحياة!

في كل مرة تريد تغيير حاضرك أنت تبحث عن من يعيش مستقبلك.

تقول أنا أحتاج أن أكون مثل فلان، لكن هل تسائلت يوما ما عاقبة أن تعيش الاحتياج؟
أن تحتاج لشخص ما يدلك على الطريق؟

انتبه جيدا كلنا نتعلم من أشخاص أعلم منا لكن بضوابط. –

ما معنى أن تعيش الاحتياج؟

نفترض أنك تريد أن تتعلم عن موضوع اكتساب العادات، أو لنقل أنك تريد التخلص من عادة سيئة (تدخين؛ نميمة؛ تضييع وقت…).
تختار شخصية معروفة تتحدث عن هذا الموضوع فتقوم بمتابعته.
يخبرك أنك إذا أردت أن تتخلى عن عادة سلبية يجب تعويضها بعادة جديدة إيجابية. وبالفعل تقوم بكل الخطوات التي يخبرك بها.

مثلا أنت تشاهد المسلسلات بكثرة وتعتبر هذه عادة سيئة تريد التخلص منها. يقترح عليك أستاذك أو من تتابعه أنك بدل أن تشاهد المسلسلات، شاهد الفيديوهات التحفيزية أو التعليمية. وهذا ما فعلته في كل مرة تختار فيديو بدل مسلسل وهكذا… فتقول أووه لقد نجحت!

في يوم ما وأنت في حالة مشاعرية متدنية، حزين أو غاضب، فتريد الابتعاد عن حالتك هذه، فتذهب مباشرة إلى آخر حلقة توقفت عندها في مسلسلك. فيمر يومك بأكمله على هذه الشاكلة، ولأن غضبك ما زال مستمرا فحلقات المسلسل مازالت مستمرة أيضا!

لكن في نهاية الأمر تحس بالندم وتأنيب الضمير، لأنك عدت إلى عادتك السيئة و خذلت ذلك الشخص الذي تتبعه وبالتالي خذلت نفسك.

تعود لقدوتك وتبحث فيما قدمه سابقا، لعلك تجد الإجابة التي تحتاجها لسبب عدم استمرارك على العادة الإيجابية.
تبحث وتبحث وتبحث وبداخلك دوما شعور الاحتياج لشخص يعطيك إجابة السؤال.

قدوتك تلك أو مدربك الذي يعلمك، علمه يسعه هو ويسع التجارب التي حوله.
ومع أنه يعلم جيدا كيف يدربك على اكتساب العادات، قد لايعلم أنك تحتاج أولا للتخلص من الغضب المستمر ثم تنتقل للعادات.
لأن في مثالنا أعلاه مشاعرك السلبية على واقعك -الغضب- كانت السبب الداخلي الذي يدفعك لمشاهدة المسلسلات.

ستبقى في دوامة الاحتياج لشخص ما مادمت لم تفهم أن الإجابة بداخلك.

يمكنك أن تدرك رغبة قلبك الحقيقية عن طريق إدراك أنه لا أحد آخر بإمكانه أن يخبرك بها.

لاو تزو معلم

ما هو مفهوم القدوة الحقيقي؟

وأنت على مسار التغيير من الطبيعي أن تختار إنسانا تقتدي به. بمعنى تتبع تصرفاته ونصائحه وسلوكياته، لأننا في النهاية نريد الوصول الى ما وصل إليه هذا الإنسان.

وباعتبار أن كل ما يدور حولنا هو مبني على قائمة من الأوامر الموضوعة من قبل الإنسان -إفعل ولا تفعل- حتى لو كان بشكل غير مباشر. فبدل أن تملك حرية الاختيار تصبح خاضعا لأوامر الغير مع أن الظاهر يقول إن هذه الأوامر هي خير لك.

سأعود لأسألك السؤال الذي بدأنا به المقالة: من هو قدوتك؟
اسمح لي أن أجيب بدلا عنك اليوم ولعلك تتفكر في إجابتي قليلا.

أنا: من هو قدوتك؟
أنت: ليس لدي قدوة على الأرض، أنا أقتدي بالصفات الإنسانية فقط!

نعم صديقي، القدوة غير موجودة. الموجود هو صفات أعجبتك في شخص فأردت الاقتداء بها هي وليس بالشخص ذاته.

ما الفرق بين الاقتداء بالصفات و الاقتداء بالشخص؟

حين تقول أن فلان قدوتي فهذا يعني أنك ستعيش التبعية معه.

أما حين تقول أني أعجبت بصفة النزاهة مثلا في شخص فأنت فقط ستركز وتتعلم كيف أصبح هذا الشخص نزيها و تتبع ما قام به في هذه الزاوية تحديدا.

القدوة ومخافة الضياع

قد تسألني الآن ولكن يا زهرة أليس الشخص نفسه هو من يحمل هذه الصفات؟ فلم لا أعتبره قدوة ؟

الجواب المختصر المفيد لأنك ستصبح نسخة منه!
كيف هذا؟

حين تقول فلان قدوتي فأنت تقول أنا نسخة منه.
انتبه جيدا قد لا تقول هذه الجملة بصوت مرتفع لكن عقلك اللاواعي يعمل بها. –

لأقرب الصورة لك، مثلا:
إن كان أبوك قدوة كاملة لك معناه أنك ستعيد تجربته وتنسى رسالتك الخاصة، في حين الله يقول لك: “وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا“.

ربما هذه الزاوية من الحديث قد تحتاج استفاضة طويلة. لكن تأكد أنك كلما قلت هذا قدوتي فأنت تقوم بإسقاط هذه الشخص عليك، بما يحمله من أفكار ومشاعر وطاقات، وطاقته أخطر شيء!

لماذا معرفتك بمن أنت سيحدد من هي قدوتك؟

قد يكون الجزء الأول كافيا لك لتفهم مفهوم القدوة الحقيقي. لكني مع هذا أريد أن أكمل معك رحلة البيان هذه.

كلما استمريت في البحث والتعلم ستكتشف أن كل المواضيع مرتبطة فيما بينها. وقد لا تجد ما يسمى عزل الدين عن العلم أو القلب عن العقل أو الشعور عن الفكر… وكلما كنت صادقا في بحثك كلما جاءتك الإجابات التي تحتاجها في وقتها المناسب.

أنا على يقين أن أكثر ما ستبحث عنه هو إجابة السؤال: من أنا؟

أحد الإجابات لهذا السؤال ممتزجة بموضوعنا اليوم وهي:

خليفة الله في الأرض ليست لديه قدوة على الأرض!

أنت لكي تبني تجربتك الخاصة في رحلة التغيير لابد أن تنسف فكرة القدوة الكاملة.
لأن تركيزك على الآخرين يسلبك هذه التجربة الخاصة. و تذكر أن القدوة لديها سلبيات أيضا فاحذر أن تكون Copy Paste

انتبه جيدا الاتباع الكامل ورطة كبيرة، “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ“.

المطلوب منك أن تأخذ كل ما هو جميل في صفات الناس وتقوم بخلطة خاصة بك تعيش بها التفرد. لأنه لو كان لك شبيه لم يخلقك الله وهناك شخص آخر يستطيع لعب دورك.

إليك حكمتي

في داخلك جزء من الله والذي يعلم بشكل غريزي كيف يكون وماذا يجب أن يفعل.

أنتظر رأيك بكل حب 💚

هذا رأيي، والرأي ظنّ، و الظن لا يُغني من الحق شيئا. أنت ابحث و تبَيَّنِ الحق.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

2 تعليقات
  1. […] تضطر لتتنقل جيئة وذهابا بين مصادر المعلومات. ما بين أسباب الفشل في التغيير، أسرع الطرق للوصول إلى الحياة التي تريدها، ومرورا […]

  2. […] على كل الأصعدة هي عبارة عن تسلسل لعداوات، بغض النظر عن حجمها، لا تخلو من بني آدم و إن كان جزءً من […]

شاركني رأيك

%d مدونون معجبون بهذه: